تقرير عام
نظم فريق البحث في اللغة و التواصل والحجاج التابع لكلية الآداب و العلوم
الإنسانية - جامعة ابن زهر بتعاون مع المعهد الألماني غوته يوما دراسيا لمناقشة
إشكالية الفضاء العمومي،الديمقراطية وحقوق الإنسان وذلك يومه 8.04.2013. وفي كلمته
التقديمية للندوة أشار محمد عبد السلام الأشهب ، أستاذ التعليم العالي لمادة
الفلسفة بنفس الكلية،إلى أن النشاط يندرج في
إطار المشروع الذي يدعمه المعهد الألماني لدعم التحول الديمقراطي في العالم
العربي وشمال إفريقيا. وهو التحول الذي أعاد إلى الواجهة النقاش حول الفضاء العمومي وعلاقته بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
بالنسبة لمفهوم الفضاء
العمومي النقدي الذي يعد المحور المركزي
للندوة فقد اقترن في العديد من الإنتاجات
الفلسفية المعاصرة بمسألة الديمقراطية.ولذا إذا كان من دور لهذا الفضاء في الوقت
الراهن فهو يتجلى في أهمية بلورة نموذج
بديل للديمقراطية التمثيلية تلعب فيه الذوات الفاعلة في المجتمع دورا أساسيا على اعتبار
أن الديمقراطية بوصفها عملية سياسية بإمكانها إيجاد حل لمشاكل العصر الراهن.ويعد
الحضور الدائم للمعنيين بالأمر في الفضاء العمومي من خلال مشاركتهم الإيجابية
الحصن المنيع للديمقراطية التي تقوم على تقوية و تعزيز القيم الكونية لحقوق
الإنسان.فأي انتهاك لهذه الحقوق باسم التنمية أو الخصوصية أو غيرها من المبررات من
شأنه أن يساهم في إقصاء عدد من المشاركين في بناء صرح العملية الديمقراطية. فمع تنامي الفعل الإيجابي للفاعلين في
المجتمع المدني،باعتباره الدعامة الأساسية للفضاء العمومي بوصفه فضاء مفتوحا للجميع، تطرح اليوم مسألة الحقوق
الإجابية للمواطن وأهمية تحصينها ومأسستها.كما تقتضي خلق المزيد من المؤسسات
التي بإمكانها أن تساهم في توسيع دائرة المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات
المصيرية التي ترهن أجيال اليوم و الغد.
و قد حاولت المساهمات المقدمة من طرف الأساتذة المشاركينالإجابة
عن التساؤلات التالية: كيف يمكن بناء مجتمع ديمقراطي تحترم فيها حقوق الإنسان
باعتبارها قيما كونيا؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه الفضاء العمومي بالمعنى
النقدي في تشكيل إرادة و دمقرطة المجتمع؟ وأي دور للحركات الاجتماعية في الفضاء
العمومي ؟ وما طبيعة العلاقة بين المجتمع المدني و الفضاء العمومي و ما مساهمتها
في التحول السياسي؟ وماهي القيمة المضافة
للفضاء العمومي الالكتروني في بلورة وعي جديد بأهمية المشاركة والمواطنة الفعالة
في المجتمع؟
ووعيا من المنظمين
بأهمية تداخل المباحث في مقاربة سؤال الفضاء العمومي فالندوة عالجت الأسئلة
المطروحة بناء على مقاربات متعددة المباحث يمثلها باحثون من الفلسفة و العلوم
الاجتماعية و العلوم السياسية والدراسات الثقافية. هذه المقاربة التي من شأنها أن
تساهم في كشف العلاقة القائمة بين الجانب
المعياري من جهة و الواقعي لمفاهيم الفضاء
العمومي،الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أن بعض المساهمات سلطت الضوء على حالة
المغرب لإبراز أهمية ووقع الفضاء العمومي النقدي على عملية الدمقرطة.
وقد تمحور النقاش حول
مسألتين أساسيتين: في جلسة الصباح تمحور النقاش حول الجانب المعياري لفكرة الفضاء
العمومي و حقوق الإنسان و الديمقراطية إذ تناول الباحث التونسي المقيم بألمانيا
سرحان ذويب مسألة الجور أو الظلم ودورها في بناء القيم الكونية لحقوق الإنسان على
اعتبار أن تجربة الظلم تجربة كونية و أن مناهضة هذه التجرية بإمكانه أن يساهم في
تعزيز القيم الكونية. وفي نفس الجلسة تناول الباحث محمد عبد السلام الأشهب فكرة
الفضاء العمومي من الجانب الفلسفي المعياري مركزا على مساهمة الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس الذي
طور هذا المفهوم في فلسفته السياسية من خلا الربط بين الفضاء العمومي النقدي و تطور
عملية الدمقرطة بالمجتمع.وتماشيا مع نفس الفكرة توقف الباحث نبيل فازيو
فكرة الفضاء العمومي و أزمة الفعل السياسي من خلال استحضار نموذج الفيلسوفة
الألمانية حنا أرنت.
نظرا للأهمية التي تحظى
بها فكرة الفضاء العمومي في مجال العلوم الاجتماعية و السياسية و الدراسات
الثقافية انصبت جلسة المساء على تناول العلاقة القائمة بين الفضاء العمومي و
المجتمع المدني باعتبار ان المجتمع المدني يعد الدعامة الأساسية لهذا الفضاء .وفي
هذا الباب ركزت مداخلة الأستاذ محمد الهاشمي ، أستاذ العلوم السياسية
بجامعة بن زهر، على دور المجتمع المدني في عملية الدمقرطة منتقدا الوظيفة
الخدماتية للمجتمع المدني في المغرب مع بعض الاستثناءات التي تمثلها بعض المؤسسات
المدنية. فالتنمية لا يجب اختزالها فقط بالتنمية الاجتماعية و الاقتصادية ، بل
ايضا بالتنمية السياسية التي تعكس الوجه الديمقراطي للدولة. وفي سياق نفس المبحث
تناول الباحث بالمعد الوطني للإحصاء ، رشيد توهتو دور المجتمع المدني في المغرب
باعتباره قوة مضادة للدولة مستندا في ذلك إلى مقاربات الحركات الاجتماعية
الجديدة و أهميتها في المجتمع المدني. وفي الأخير قدم الباحث الشاب محمد
ياشولتي مداخلة حول دور المرأة في الحراك السياسي الذي عرفه المغرب مع حركة
عشرين فبراير مبينا أهمية هذا الحراك في تشكيل وعي نسائي جديد لدى الحركات النسائية بالمغرب. هذا الوعي
الذي لم يعد يربط بين تحسين وضعية المرأة من خلال فقط رفع مطالبها إلى السلطة
السياسية العليا ، بل من خلال الدفاع عنها في الفضاء العمومي.
و في الأخير تجدر
الإشارة إلى أن اليوم الدراسي كان من تنسيق الأستاذين محمد عبد السلام الأشهب و
الأستاذ سرحان ذويب في إطار التعاون بين الباحثين الشبان من المغرب وألمانيا
باعتبار سرحان ذويب أستاذا بجامعة كاسل بألمانيا.
من
اليمين إلى اليسار:الاستاذة زبيدة أشهبون أكادر/الأستاذ سرحان الذويب جامعة كاسل
ألمانيا/الأستاذ محمد عبد السلام الأشهب/ابن زهر أكادير
جانب من الحضور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق