السبت، 20 أبريل 2013

تلقي كتاب Philosophische Untersuchungen في الترجمة العربية /من بحوث إلي تحقيقات


 د.  محمد عبد السلام الأشهب/ أستاذ الفلسفة بجامعة بن زهر-أكادير/المغرب 
المقال سيصدر في الاشهر القادمة في كتاب جماعي تحت عنوان تلقي فتغنشتاين في العالم العربي,وستشرف على نشره جامعة برلين الحرة
تقديم
عرف كتاب فتغنشتاينPhilosophische Untersuchungen  طريقه إلى اللغة العربية من خلال ترجمتين مختلفتين. الأولى أنجزها الدكتور عزمي إسلام تحت عنوان بحوث فلسفية  و التي اعتمد في إعدادها على الترجمة الإنجليزية التي أعدتها المترجمة أنسكوم  Anscombe  عن النص الألماني.وللإشارة فترجمة عزمي إسلام نشرت بعد وفاته بعدما راجعها المترجم عبد الغفار مكاوي بالاعتماد على النص الألماني.أما الترجمة الثانية
فقد أنجزها الباحث المتخصص في فلسفة فتغنشتاين عبد الرزاق بنور في إطار مشروع المنظمة العربية للترجمة التي تشترط الترجمة عن النص الأصلي.ويخبرنا الباحث عبد الرزاق بنور أنه اعتمد في ترجمته على النص الألماني الذي  حققه و نقحه يوواخيم شولتهJoachim Schulte  و نشره ضمن الأعمال الكاملة لفتغنشتاين، عن دار النشر زوركامب[1]. و زيادة على ذلك يخبرنا في المقدمة المطولة للترجمة أنه استأنس بالترجمات الفرنسية و الإنجليزية التي ساعدته على تذليل بعض الصعوبات التي يطرحها النص الأصلي.
-1لماذا إعادة ترجمة Philosophische Untersuchungen
بحكم أن المرحوم عزمي إسلام لم يكتب مقدمة لترجمته المعنونة ببحوث فلسفية، فإننا لم نعثر على أي مبرر يساعدنا في فهم الدوافع التي ساقته لترجمة هذا الكتاب، كما لم نجد أي إشارة إلى الصعوبات التي واجهته في ترجمته. بينما في مقابل ذلك نجد أن الباحث عبد الرزاق بنور توقف عند الصعوبات التي تواجه المترجم العربي في نقل لغة فتغنشتاين إلى اللغة العربية . أما عن داوعي ترجمة  تحقيقات فلسفة فلم نجد أية إشارة مباشرة عن دواعي إعادة ترجمة كتاب سبق أن ترجم من قبل.كما لم نجد أي حكم علمي على هذه الترجمة السابقة التي أنجزها عزمي إسلام و هي ترجمة كان له السبق في إنجازها في العالم العربي. كما ترجم له رسالة منطقية فلسفية. كل ما ذكره الباحث عبد الرزاق بنور في مقدمته المطولة هو الإشارة إلى أهمية كتاب تحقيقات فلسفية في النقاش الفلسفي الراهن مقارنة بكتاب رسالة...  الذي يفضل ترجمته  بمصنف منطقي فلسفي ، الذي أصبح بالنسبة له متجاوزا في النقاش الفلسفي المعاصر، يقول  عبد الرزاق بنور" إن كتاب مصنف الذي صنع شهرة فتغنشتاين في القرن العشرين قد تجاوزه الزمن اليوم و كل النظريات التي دفع بها إلى الصف الأول قد بهت بريقها، بينما يتواصل النقاش بحدة حول طروحات كتاب تحقيقات فلسفية و إذا ما كان  لفتغنشتاين نفس الشهرة التي كانت له في بداية القرن العشرين فإنه لا يدين بها لكتاب  مصنف منطقي فلسفي بل لكتاب تحقيقات فلسفية، لأن تأثيره يتواصل و يلامس ميادين جديدة كل مرة ".[2]
-2عبد الرزاق بنور و موقفه من الترجمات الأخرى
بالرغم من اعتماده  في ترجمته على النص الألماني فاستئناسه بالترجمات الأخرى كان مرفقا بحكم معين منها . فبالنسبة للترجمة الإنجليزية التي أنجزتها أنسكوم يقول عنها عبد  الرزاق بنور" أنها ترجمة تغلب عليها الصبغة التأويلية فلم تحاول المترجمة ، في الغالب، الالتزام بنص الكلمة و كانت تقدم الفكرة على اللفظة".و بحكم الترجمة التأويلية التي قامت بها أنسكوم والتي كانت لا تقدم العون المطلوب، كان عبد الرزاق بنور يلجأ إلى الترجمة الفرنسية التي أنجزها كلوسوفسكي  Klossowski   " و هي بما فيها من إسقاط لكثير من الفقرات و الوقوع في بعض سوء الفهم ، كما يبدو لنا ، ترجمة مقبولة في الغالب" و يضيف مترجم تحقيقات أنه تسنى له الاطلاع على الترجمة الفرنسية الأخيرة التي أنجزها فرنسواز داستور بمعية مجموعة من الباحثين و التي صدرت تحت عنوان Recherches philosophiques   وهي الترجمة التي لم يطلع عليها عبد الرزاق بنور إلا بصورة متأخرة بعد أن كانت ترجمته جاهزة . وقد قال عنها أنها عمل متقن للغاية و يحتوي على هوامش مفيدة.[3]
ووعيا منه بصعوبة ترجمة عمل مثل تحقيقات... إلى اللغة العربية، خاصة و أنه يمثل مرحلة النضج الفلسفي لفتغنشتاين ، نجد المترجم   عبد الرزاق بنور كثيرا ما يحيل إلى الترجمات الأخرى التي أنجزت لأعمال فتغنشتاين في الفرنسية و الإنجليزية ، كما اعتمد على مكتسباته المعرفية التي توفرت له طيلة ما يزيد على العشرين سنة من الاشتغال بنص فيلسوف  تحقيقات فلسفية . و هذا ما نلمسه من خلال كثرة الهوامش للأعمال الفلسفية  لفتغنشتاين التي سبق له أن تناول فيها نفس الفكرة. يبدو من خلال ما أشار إليه الباحث عبد الرزاق بنور أن ما قام به  من المقارنات كان الهدف منه الوصول إلى ترجمة عربية "مثالية " إذا استدعينا عبارة فتغنشتاين في حديثه عن وظيفة الفلسفة التحليلية التي تسعى إلى إزالة سوء الفهم عن اللفظة . فعملية الحفر التي قام بها في اللغة كان يسعى من خلالها بنور إلى إيجاد الكلمة المقابلة ليس لعبارة فتغنشتاين ، بل لفكرته  و هذا ما توفق فيه في العديد من المقاطع. لكن الملاحظة التي لابد من الإشارة إليها، و هو أن المترجم عبد الرزاق بنور لم يقدم أي فكرة ولم يصدر أي حكم عن الترجمة العربية التي أنجزها عزمي إسلام، سواء أكان هذا الحكم بالإيجاب أم بالسلب. خاصة و أن الرجل كان متخصصا في فلسفة فتغنشتاين و ترجم له كتاب رسالة  منطقية فلسفية  و أصدر عنه كتابا[4] و مقالات أخرى عرَّف من خلالها  بفيلسوف الفلسفة التحليلية.
-3 مميزات ترجمة عزمي إسلام
أنجز الباحث عزمي إسلام ترجمة لكتاب فتغنشتاين عن النص الإنجليزي الذي ترجمته المترجمة الإنجليزية أنسكوم بالاشتراك مع ريز. وقد نسي عزمي إسلام ترجمة المقدمة التي أضافها فتغنشتاين سنة 1945 وهي المقدمة التي أثبتتها أنسكوم في الطبعة الانجليزية لسنة 1963.و التي سيترجمها عبد  الغفار مكاوي عندما قام بمراجعة النص المترجم بالاعتماد على النص الألماني  من جهة و النسخة الإنجليزية من جهة ثانية.
ما نلاحظه في ترجمة عزمي إسلام هو غياب كثرة التعاليق، كما أن المراجع عبد الغفار مكاوي هو الذي تكلف بكتابة المقدمة المطولة عن فتغنشتاين ووضع تقابلات للكلمات الرئيسية، بل تدخل مرارا لتعديل بعض اقتراحات عزمي إسلام في الترجمة ، كما نجد الكثير من المصطلحات التي لها أكثر من مقابل، ونجد كذلك  في هوامش الترجمة و في آخر الكتاب قائمة بالمصطلحات الفلسفية بالعربية و الإنجليزية و الألمانية.
الملاحظة الأساسية التي يمكن الإشارة إليها، هو أن ترجمة عزمي إسلام ظلت وفية لروح الترجمة الإنجليزية، إذ غالبا ما ارتبط المترجم حرفيا بالصيغة الإنجليزية والمراجع نفسه لم يغير الكثير من بنية الجملة، و إن كانت مراجعته اعتمدت على النص الألماني.
ما يميز ترجمة عزمي إسلام، هو غياب الهوامش ذات الطابع التأويلي أو التفسيري فهو يترك الفرصة للقارئ  ليقارن بين فكرة فتغنشتاين و السابقين و اللاحقين عليه.فمثل هذه الهوامش يمكن أن تجعل القارئ و كأنه أمام نص آخر مواز للنص المترجم. وهذا ما نجده حاضرا في ترجمة عبد الرزاق بنور الذي ذيل ترجمته بما يزيد على أربع مائة هامش قدم من خلالها العديد من المقارنات بين فقرات من تحقيقات..  و الكتب التي ساهمت في ميلا د هذا العمل، كما قدم تفسيرات لبعض الأفكار من خلال مقارنتها بتلك الواردة في النصوص الفلسفية للفلاسفة السابقين و المعاصرين و اللاحقين لفتغنشتاين.
نعلم أن لغة فتغنشتاين تطرح العديد من الصعوبات في نقلها للغات الأجنبية و اللغة العربية لا تشكل الاستثناء في هذا السياق. ولكن بالرغم من ذلك لا نجد المترجم عزمي إسلام يقدم المبررات التي جعلته يترجم هذا المصطلح بهذه الكلمة العربية عوض تلك و حتى المراجع لم يقم بذلك، كل ما قام به هو أنه كان يكتب المقابل  الثاني أو الثالث الذي يفترض أن يكون مقابلا للكلمة الإنجليزية أو الألمانية. يقترح عزمي إسلام، مثلا إزاء تقابل يضعه بين كلمة Arbitrary  والكلمة الألمانية Willkurlich  ، " جزافي أو تعسفي و في سياق أخر تحكمي أو اتفاقي وذلك دون أن يقدم أي مبرر لهذا الاختيار أو ذاك، بينما عبد الرزاق بنور قدم في بعض الأحيان مبررات لهذا الاختيار أو ذاك، الشيء الذي جعل ترجمته ترجمة يمكن أن نقول عنها ترجمة حجاجية لا تنطلق من نص  تحقيقات بل من النص الفلسفي لقنتغنشتاين بأكمله. فمع كثرة الهوامش و المسوغات التي يقدمها الباحث عبد الرزاق بنور تحس وكأنه يترجم فتغنشتاين كله و ليس مجرد كتاب تحقيقات فلسفية.   لكن هذا الأمر بقدر ما يساهم في توضيح النص للقارئ بقدر ما يساهم في توجيهه نحو تأويلات معينة.
لقد اعترف عزمي إسلام في الكتاب الذي خص به سلسلة نوابغ الفكر الغربي صعوبة ترجمة  فكر فتغنشتاين إلى اللغة العربية. وتكمن هذه الصعوبة في الفكرة التي يتناولها بالبحث، وكذا إلى الطريقة التي يعرض بها لهذه الأفكار في شكل نتائج نهائية لعمليات فكرية سابقة عن رسالة...[5]. إذا كان هذا الكلام يقصد به الترجمة الأولى لكتاب رسالة...فهو بدوره ينطبق على كتاب "البحوث " الذي تعد فقراته خلاصة لما سبقه من أعمال. [6]
 كما يعزي الصعوبة أيضا إلى فتغنشتاين نفسه الذي يستخدم أحيانا اللفظ الواحد بأكثر من معنى مثل كلمة Ding, Sachlage,Tatsache,Geganstand,Sachverhalt. هذا الأمر ينطبق على رسالة ...[7]. لكن نفس الأسلوب لا تخلوا منه البحوث أيضا إذ نجده ينطبق على Seele, Satz, Meinen, Grund, Empfindung. Intention und Absicht..
-4فلسفة الترجمة ومميزاتها  عند عبد الرزاق بنور
يعتمد المترجم في ترجمته لكتاب تحقيقات فلسفية على مبدأ روح اللغة لتحقيق الدقة. و مبرر اعتماد هذا المبدأ هو عدم وجود تطابق بين ألفاظ اللغة أو كما قال فتغنشتاين " اللعبة اللغوية تتغير مع الزمن". أو كما  يقول في موضع آخر " لا يأتي نحو لغة ما إلى الوجود و لا يكتب إلا بعد أن يتكلمها الناس مدة طويلة "[8]. في ضوء هذا الفهم يسعى بنور إلى التوفيق بين روح اللغة التي يستعملها فتغنشتاين ونظيرتها العربية التي ينقل لها النص، كما حرص على التمييز بين مفاهيم  من قبيل " القصد، النية ، الفهم،التطبيق، الترويض،المعنى و المدلول إلخ و ذلك بهدف الحفاظ على تناغم النص. وهذا الحرص لم يكن مقتصرا فقط على  المفاهيم الفلسفية التي يستعملها فتغنشتاين،بل حتى اللغة العادية المستعملة في النص و خاصة تلك اللغة المجازية التي يستعملها الفيلسوف كوسيلة للحجاج. ولهذا نجد  المترجم في كثير من الفقرات يأتي بمفاهيم و كلمات بعيدة عن المقابل الحرفي للغة الألمانية. في المثال التالي يبدو التعديل الذي أدخله بنور على الكلمة الألمانية   Fahrten  التي تعني رحلات  بينما ترجمتها الحرفية لا تفيد أي معنى في السياق و اقترح ترجمتها بتحولات و هي كلمة لا تربطها أي دلالة أيضا كمقابل معجمي، لكن في سياق النص تؤدي كلمة تحولات معنى أفضل من رحلات . ورد هذا المثال في تقديم الكتاب حيث يتحدث فتغنشتاين عن سياق ميلاد فكرة الكتاب الذي هو عبارة عن سلسة ملاحظات فلسفية يقول صاحبنا " ويمكننا القول إن الملاحظات الفلسفية التي يتضمنها هذا الكتاب هي عبارة عن مخطط أولي لمشهد طبيعي أوجدته هذه التحولات الطويلة المعقدة [9]. هذا المثال يبين مبدأ عبد الرزاق بنور في الترجمة الذي   يقوم على تقديم المعنى على اللفظ.وهذه المنهجية في الترجمة التي طبقها عبد الرزاق  بنور في عمله يلخصها في قوله" لاسبيل للحديث عن ترجمة جيدة انطلاقا من تقابل في الألفاظ لأنه لا وجود للفظتين متماهيتين في لغتين مختلفتين،فلكل لغة تاريخها و تطورها ويكفينا بلوغ التقارب دون التساوي.لكننا نستطيع أن نتطلع إلى حسن الترجمة إذا اعتبرنا النص لا اللفظ".هذا التصور للترجمة  الذي استلهمه بنور من الفيلسوف الألماني فون هومبلت يقوم على المبدأ التالي" إن الألفاظ المترجمة تكذب دائما،أما النصوص المترجمة فلا تكذب إلا إذا ترجمت ترجمة رديئة" .[10]
أن يترجم المرء فلسفة فتغنشتاين فيلسوف اللغة و التحليل الذي ينتقي عباراته بشكل دقيق لا يمكنه أن يصل إلى ترجمة علمية إلا باعتماد هذا المبدأ في الترجمة،لأن لغة فتغنشتاين المتعرجة لايمكن مسك الفكرة التي تحتويها اعتمادا على ترجمة حرفية. و هذا هو السر الذي جعل المترجمة أنسكوم بدورها تنحى المنحى التأويلي في ترجمتها.ووعيا منه  بصعوبة المهمة حرص على تطويع لغة فتغنشتاين مع بينة اللغة العربية حتى يبلغ مراده المتمثل في النقل الأمين لروح نصه.ولإنجاز هذه المهمة استعان عبد الرزاق بنور بالترجمات الأخرى و بمعرفته  بفلسفة فتغنشتاين و باللغة الألمانية و بنياتها الدلالية و النحوية. يقول عبد الرزاق بنور في سياق هذه الفكرة " إن فيلسوفا يقيم كل نظام تحليله على اللغة لا يمكن ألا يختار اللفظة المناسبة و ينتقي اللفظة الصائبة. لذلك حاولنا بقدر ما تسمح به تراكيب اللغة العربية وروحها و إمكانات الإبلاغ أن نكون أوفياء لما يريد أن يقوله و نحرص على الالتزام بروح عبارته و دلالة الفاظه. و لم نتردد في العودة في  بعض الأحيان إلى أصول الألفاظ في الألمانية حتى ننير القارئ العربي حول النحو العميق لهذه الألفاظ و انحراف استعمالها أو توسعها الدلالي أو علاقات الاشتقاق التي تربطها بغيرها"[11]
         ما يميز ترجمة عبد الرزاق بنورهو اعتماده على رصيده اللغوي في اللغة الألمانية و النصوص الأخرى التي ترجم إليها كتاب تحقيقات.... والقارئ لهذا العمل يلمس ذلك من خلال الهوامش المطولة التي ذيل بها المترجم  ترجمته.وأقصد هنا تلك الهوامش التي وظف فيها عملية الاشتقاق من  الكلمة الألمانية لتبرير اختياره لبعض الترجمات، و هو الشئ  الغائب في ترجمة عزمي إسلام.هذه العملية نلمسها من العنوان الذي سنعود إليه. لكن ما يلاحظه القارئ هو أن اعتماد طريقة تأصيل المفاهيم من الألمانية لا يوازيها نفس منهجية التأصيل أثناء الاشتغال على اللغة العربية.
إذا كان الفيلسوف فتغنشتاين يعتبر أن المعنى يكمن في الاستعمال، وأن الاستعمال وحده يكفي لتوضيح التقارب بين المعاني و كذلك الفوارق"، فإن عبد الرزاق بنور في ترجمته لبعض الكلمات لايكتفي بالاعتماد على سياق استعمال الكلمة في النص، بل يرجع إلى أصول الكلمة في الألمانية لمعرفة اشتقاقاتها و علاقتها بالكلمات المجاورة لها و القريبة من معناها. و النموذج الذي يمكن الإشارة إليه في هذا السياق ما قام به في الهامش الذي خصصه لكلمة القصد و النية وفعل القصد وفعل النية . فهو فضل، و بناء على عملية الاشتقاق اللغوي، أن يترجم Akt der Intention  بفعل القصد بينما وضع فعل النية مقابلا Akt der Absicht    مبينا أن التقارب الموجود بين معنييهما لا يعني تماهيهما و إلا لما اكتفى فتغنشتاين بواحدة منهما. و مبرر عبد الرزاق  بنور في هذا الاختيار أن فتغنشتاين نفسه لم يستعمل كلمة Intention  إلا في أربع مناسبات بينما استعمل Absicht   أكثر من أربعين مرة.[12]
في المقابل نجد أن ترجمة عزمي إسلام اكتفت بتماهي المعنى بين " القصد و النية " وذلك انطلاقا من التماهي الموجود في الترجمة الإنجليزية ، إذ ترجمت أنسكوم Intention und Absicht  بنفس الكلمة Intention  و اكتفت ب Act of  intending   مقابلا لكل من Akt der Intention und Akt der Absicht   و قد ذهب في نفس الاتجاه المترجم الفرنسي داستور و جماعته إذ وضعوا Act d’intention  مقابلا لكل من Akt der Intention und Akt der Absicht.
فيما يتعلق باستحضار سياق المعنى، نجد الباحث عبد الرزاق بنور قد برر بهذه المنهجية بعض الترجمات في العديد من الفقرات، إذ نجده يترجم نفس الكلمة بترجمات مختلفة في اللغة العربية. و أذكر هنا ترجمته المختلفة  للكلمة الألمانية meinen  التي غالبا ما ترجمت عند عزمي إسلام ب يعني اعتمادا على الترجمة الإنجليزية التي وضعت مقابلا لها ب to mean  بينما عبد الرزاق بنور مرة يترجمها ب يقصد ، يريد أن يقول أو يفهم وذلك حسب السياق المقصود من كلام فتغنشتاين. و الأمر نفسه ينطبق على Seele . وهذا الأمر نجده في الترجمة الفرنسية الأخيرة لداستور التي حرص فيها على هذا التمييز.
بعد رصدنا لهذه المميزات التي تميز فلسفة الترجمة لدى المترجمين معا، سأتوقف عند بعض الاختلافات في ترجمة بعض المفاهيم الفلسفية لدي فتغنشتاين لنحدد الاختلاف في تلقي فلسفته من خلال فعل الترجمة الذي يعد الوسيلة الرئيسية في نقل الأفكار بين الأمم عبر تاريخ البشرية. كما لا ندعي التوقف عند مختلف المفاهيم، لأن هذه العملية لا يمكن الإحاطة بها في مقال واحد ،بل تحتاج  كتابا مستقلا و هذا عمل يمكن أن يكون هذا المقال مقدمة له،خاصة و أن المتابعة النقدية  للترجمة من الأبحاث النادرة في عالمنا العربي. فالكل يترجم كما يريد في ظل غياب مأسسة حقيقية لعملية الترجمة .
  -  5بحوث أم تحقيقات؟
الاختلاف الأول بين عزمي إسلام وعبد الرزاق بنور يتجلى في العنوان الذي اختاره كل واحد مقابلا للكلمة الألمانية Untersuchungen. فالأول ترجمها  ببحوث فلسفية  دون أن يقدم أي تبرير لهذا الاختيار و قد اعتمد في ترجمته على الترجمة الإنجليزية Investigation   التي أعدتها  أنسكوم. بينما الثاني اختار تحقيقات مقابلا للكلمة الألمانية.وقد برر اختياره لهذه الترجمة  اعتمادا على  الاشتقاق اللغوي للكلمة في الألمانية. الاختلاف نفسه نجده في الترجمة الفرنسية التي ترجمها المترجم الفرنسي مرة ب  investigation    كما نجد عند كلوسوفسكي  و مرة ب Recherches  كما وردت عند داستور.
مبرر عبد الرزاق بنور نجده   في الهامش الذي خصصه لكلمة Untersuchungen     إذ يقول أن استبعاده لكلمة "أبحاث" و "مباحث" لايعزى لأسباب نظرية  فحسب و لا لأي أسباب تتعلق بالمحتوى،بل لاعتبارات لغوية وكذلك لتواتر في الاستعمال أصبح شائعا بين الناس. فكلمة Untersuchung  مركبة من السابقة unter  أي "تحت " و من الجذع الفعلي suchen  بمعنى "بحث". و لفعل suchen  المشتق من الجرمانية و الغوطية القديمة نسب بلفظة Sache  أي شيء. الأمر الذي ينتج عنه التركيب التالي: " العثور على الشيء المخفي تحت". وكان المعنى الأول في الاستعمال القديم يختص باقتفاء (الكلاب) للآثار و العلامات.لذلك واعتبارا لهذا المعنى في تعقب ما خفي في التواءات اللغة والفلسفة كنا نرى أن" مباحث" يفي بالمعنى اللغوي (تناسبها في اللغة الانجليزية investigation أكثر من Recherches ) أكثر من" أبحاث " أو "بحوث" من بحث.ولكن الاستعمال شاع بين الفلاسفة وعامة القراء فعرف الكتاب "بتحقيقات فلسفية".لذلك لا مناص من الإذعان للاستعمال الشائع، وبخاصة أنه ليس فيه عيب زائد عن الأخرى، إذ أن علاقة مباحث بمبحث هي من صنف علاقة "تحقيقات " بتحقيق".[13]
تعليق على "تحقيقات " و مبررات اختيار " بحوث".
ما يقوم به الباحث عبد الرزاق  بنور من اشتقاق للكلمات من اللغة الألمانية يعد قيمة مضافة في ترجمته مقارنة بترجمة عزمي  إسلام إذ توفق في العديد من الفقرات من تحديد دقة بعض المفاهيم و أذكر على سبيل المثال  Intention und Absicht  ، لكن في المقابل لم يكن الباحث يقوم بنفس عملية الحفر في المعاجم العربية من أجل تأصيل بعض المفاهيم و تقديم مبررات لاختيار ترجمتها. و هذا الأمر ينطبق على "تحقيقات " التي نتحفظ على ترجمتها مقابلا ل Untersuchungen.وذلك للأسباب التالية.
-         إذا كان الباحث عبدالرزاق بنور يعتبر أن اختيار "تحقيقات " راجع إلى شيوع المصطلح و بالتالي هناك ضرورة للإذعان لما هو شائع، فيمكن اعتبار أن هذا الأمر ليس مبررا، لأنه قد يكون ما هو شائع غير صحيح، بل و الأكثر من ذلك فالشائع هو بحوث كما ترجمها عزمي إسلام و ساهم في انتشارها و أيضا ساهم كتاب هوسرل " أبحاث منطقية " في تداول المفهوم . شخصيا لم يسبق لي أن سمعت بتحقيقات سوى من خلال ترجمة عبد الرزاق بنور.فالمترجم في نظري يجب أن يدافع عن اختياراته بمبررات و ليس بما هو شائع وإن كان الاستعمال يفرض ذلك، خاصة إذا تبين لنا أن اللغة تقدم   إمكانية  تفنيد ما هو شائع. و هذا ما توفره مادة " بحث" في المعاجم العربية و الأجنبية.
إذا رجعنا مثلا إلى معجم بن منظور المعتمد في التأصيل للمفاهيم في اللغة العربية نجد في مادة بحث ما يقصده فتغنشتاين من كلمة Untersuchungenأكثر من كلمة "تحقيق" الحديثة النشأة. يقول بن منظور في لسان العرب في مادة بحث . البحث طلبك الشيء في التراب. بَحثَه يَبحثه بَحثا. وفي المثل : كبَاحثة عن حَتْفِها بظِفلها،وذلك أن شاة بحثت عن سكين (حفرت عليه) في التراب بظفْلِها ثم ذُبحت به. وعند الأزهري: البَحُوثُ من الإبل التي إذا سارت بحَثت التراب بأيديها أَخُرًا أي ترمي إلى خلفها. والبحث : أن تسأل عن شيء، وتستخبر.وبحث عن الخبر و بحثه يبحثه.وتبحث عن الشيء أي تفتش عنه. والبحْثُ:الحية العظيمة لأنها تبحث التراب.وتركته بِمباحِث البقر، أي بالمكان القفر، بحيث لا يدري أين هو. و سورة براء كان يقال لها البُحُوثُ ، سميت بذلك لأنها بحثت عن المنافقين و أسرارهم أي استثارتها و فتشت عنها. و البحوث جمع بحث. وقال: البُحاثة هو التراب الذي يُبحث هما يطلب فيه[14].
مادة بحث في المعجم الوسيط
بحث الأرض و فيها -  حفرها وطلب الشيئ فيها.و في التنزيل العزيز" فبعث الله غرابا يبحث في الأرض".
وبحث الشيئ وعنه : طلبه في التراب ونحوه وفتش عنه.
و بحث الأمر و فيه : اجتهد فيه ، وتعرف حقيقته.
وبحث عنه سأل عنه و استقصى، فهو باحث، وبحّاث، وبحّاثَة.
وفي مادة البحث : بذل الجهد في موضوع ما، وجمع المسائل التي تتصل به. و المنجم يبحث فيه عن المعادن. و البحثة لعبة للصبيان و هي أن يُخفي أحدهم شيئا في التراب، ثم يطلب البحث عنه. والبحيثُ هو السر و يقال بدا بحيثُهم أي انكشف سرهم[15]. و في معجم التعريفات  للجرجاني  و ردت مادة البحث باعتباره هو التفحص و التفتيش[16].
- يبدو من خلال هذه المادة أن بحث تفيد في اللغة العربية التنقيب والتفتيش عن الأسرار بما في ذلك أسرار اللغة والتواءاتها  ، كما تفيد ذلك الحفر الذي يكون في الغالب في الاتجاه الأسفل أي "تحت" كما تفيد السابقة الألمانية  unter. وهذا الحفر الذي يكون من أجل العثور على شيء مخبأ في الأسفل كما فعلت الشاة التي عثرت على السكين أو كما يفعل الباحثون على المعادن تحت الأرض أي للعثور عما يُطلب.لأن الطلب هو البحث و منه سمي السؤال طلبا لأننا نسعى من خلاله العثور على جواب. و في فن المناظرة الذي يسمى فن البحث يلعب السؤال دورا مهما باعتباره وسيلة للبحث عن المخفي في المعرفة.
- يبدو من خلال المادة أيضا غياب تام لأية إشارة إلى التحقيق في الحقل الدلالي  لفعل "بحث". و لهذا ما دامت كلمة Untersuchung تتألف منunter und suchen  و التي تفيد "البحث تحت" و التقفي عن أثار الشيء  كما خلص عبد الرزاق  بنور في جملته التي يقول فيها "العثور على الشيء المخفي تحت". أقول كان بالأحرى القول في الاستنتاج أن Untersuchung  تعني " البحث عن الشيء المخفي تحت من أجل العثور عليه" و هذا ما تفيده مادة" بحث "في اللغة العربية بشكل أفضل من "حقق" و تحقيق".فالباحث عبد الرزاق بنور كانت أمامه كل المبررات التي يمكن من خلالها أن يفند  ما اعتبره شائعا عن كلمة "تحقيقات".
إذا كان الباحث عبد الرزاق بنور يقصد بشيوع الكلمة في اللغات الأجنبية في الانجليزية  
Investigation  مع  Anscombe  و الفرنسية Investigation مع Klossowski   فهذا الشيوع نفسه ليس مبررا كافيا لأن نترجم الكلمة في العربية "بتحقيقات" ، لأن المترجم الفرنسيDastur   و جماعته ترجموا الكلمة ب Recherches philosophiques    و الأكثر من ذلك فالمعاجم الإنجليزية و الألمانية تمنحنا إمكانية ترجمة   Investigation و Untersuchung ببحث وجمع بحوث و أبحاث. تكفي العودة إلى معجم المورد الإنجليزي العربي لمنير البعلبكي الذي يترجم الفعل Investigate  ب يبحث ، يحقق في،  لكنه يقدم معنى البحث على التحقيق.وفي المعجم العربي الإنجليزي لروحي البعلبكي نجد في مادة "بحْث" Investigation , ,Examination , Research . ، الشيء الذي يعني أن Investigation تفيد البحث بقدر ما تفيد التحقيق ولهذا ليس هناك مبررا آخر للإذعان لما هو شائع.
-لتأكيد اختيارنا سنرجع ثانية إلى المعجم الأجنبي الألماني الأول لشرجله  و هو معجم -ألماني عربي مشهود له بالدقة و المعجم  العربي – الألماني  للغة العربية المعاصرة  لهانز فير. في المعجم الأول تحضر Untersuchung   في معان مختلفة : المعنى الطبي فحص،والعلمي بحث و مجموع أبحاث، والكميائي حلل.و القانوني تحقيق. ومنه اشتقت لجنة التحقيق Untersuchungsausschuss وقاضي التحقيق Untersuchungsrichter. وقد وردت دلالة البحث في الترتيب الدلالي قبل التحقيق. و هذا هو المتداول أن التحقيق يكون في المجال القضائي لتقصي المعلومة وليس لتحقيق الفهم و إدراك المعنى الخفي في اللغة. و في نفس السياق يذكر هانز فير  مادة "بحث" ويقدم كمقابل لها في اللغة الألمانية كل من suchen, untersuchen, prüfen, erforschern, studieren   وهي عنده جمع بحوث و بحوثات و أبحاث ، كما ترد عنده كلمة مبحث كجمع لمباحث و التي يقدم مقابلا لها Thema,Gebiet einer Untersuchung  و هو ما يقدم له عبد الرزاق  بنور مقابل موضوع. بينما في مادة "تحقيق" لا ترد في هذا المعجم بالرغم من حداثته سوى في دلالتها القانونية وهذه هي المقابلات التي قدمها ل "تحقيق" كجمع ل  "تحقيقات"Nachforschung,Nachprüfung,Erhebung (über einen Tatbestand),  (و هي وقائع في دلالتها القانونية ) ويضيف gerichtliche Untersuchung أي تحقيق قضائي.
- تمثل هذه الاستعمالات المعجمية في المعجم الألماني دليلا كافيا لاستبعاد ترجمة "تحقيقات " مقابلا لUntersuchung  كما يستعملها فتغنشتاين في فلسفته التحليلية و لهذه الاعتبارات اللغوية ، يمكن اعتبارترجمة عنوان كتاب فتغنشتاين بتحقيقات فلسفية هي ترجمة غير دقيقة فلسفيا لما يريده فتغنشتاين ، و أن ترجمة  عزمي أسلام بالرغم من أنه  انطلق من النص الإنجليزي فترجمته لكلمة Philosophical   investigation   ببحوث فلسفية و ليس ب" تحقيقات " أو حتى "بمباحث" هي ترجمة تفي بالمراد .
أما الارتياب الذي تولده ترجمة تحقيقات، يكمن في غياب ثبات  المصطلح نفسه في ترجمة الباحث عبد الرزاق بنور، إذ نجده استعمل "تحقيقات " بكثرة في المقدمة المطولة التي قدم بها الكتاب و أيضا في بعض الفقرات الأولى من النص ليعود في العديد من الفقرات إلى استعمال كلمة "بحوث " و مباحث"  و ليس "تحقيقات مقابلا ل Unersuchungen  و هذا الأمر لم أجد له تفسيرا خاصة و أن الباحث في مقدمته قدم تبريرات لبعض الاستعمالات  المتعلقة بالمصطلحات الألمانية التي لها دلالات مختلفة في العربية مثل Satz,Seele,Anwendung und Gebrauch, usw. و لتأكيد هذا الامر يمكن أن نرجع مثلا إلى الفقرات التالية:
-الفقرة 92   تقول " ونعتبر ذلك أيضا في شكل سؤال موضوعه جوهر كل من اللغة والقضية و التفكير.وحتى إذا كنا بالفعل نسعى في بحوثنا لفهم جوهر اللغة – وظيفتها و هيكلها"( ترجمة عبد الرزاق بنور)
-         & 92 „Dies drückt sich aus in der Frage nach dem Wesen der Sprache , des Satzes, des Denkens.-Denn wenn wir auch unsern Untersuchungen das Wesen der Sprache-ihre Funktion, ihren Bau-zu verstehen trachten“
-         & 92 „ This finds expression in questions as to the essence of language, of proposition, of thought. -For if we too in these investigations are trying to understand the essence of language-its function, its structure”
-         This finds expression in the question of the essence of language, of propositions, of thought. For although we, in our   investigations are trying to understand the nature of   language its function, its structure; Schulte  [17]()
-         &   92”Cela s’exprime dans la question relative à l’essence  du langage, de la proposition, de la pensé.- Car si nous cherchons, nous aussi, dans nos recherches, à comprendre l’essence du langage-sa fonction, sa structure                 
-          
ترجمة عزمي إسلام الفقرة 92
" وهذا ما يتم التعبير عنه بالسؤال عن ماهية اللغة أو القضية أو الفكر.لأننا إذا كنا نحاول أيضا في هذه الأبحاث أن نفهم ماهية اللغة.- ووظيفتها و بنيتها
-نذكر  أيضا بالإضافة إلى هذا المثال الفقرة   91التي وردت فيها  جملة من ترجمة عبد الرزاق بنور تقول  " الغاية الحقيقية لمبحثنا"
- Das eingentliche Ziel unserer Untersuchungen
-   The real goal of our investigation ( Anscombe)
– le veritable but de notre recherché (Dastur)
" وكأن هذا هو الهدف الحقيقي لبحثنا" (عزمي إسلام.
 ومن غرائب الصدف أن في الفقرة 92 التي ترجم فيها عبد الرزاق بنور كلمة Untersuchungen   ببحوثنا و التي رفضها في الهامش المذكور سلفا هي الفقرة نفسها التي ترد فيها الإشارة إلى السابقةunter   التي اعتمد عليها في اشتقاقه ليبرر سبب اختياره لتحقيقات" بدل بحوث. و هنا لا بأس للتذكير بالفقرة الكاملة  لفتغنشتاين التي يقول فيها :  ونعتبر ذلك أيضا في شكل سؤال موضوعه جوهر كل من اللغة و القضية و التفكير.و  حتى إذا كنا بالفعل نسعى في بحوثنا لفهم جوهر اللغة-وظيفتها و هيكلها-فليس إلى  هذا يرمي السؤال، إذ لا يرى في الجوهر شيئا ظاهرا للعيان. شيئا يجعل تنظيمه قابلا ل"نظرة شمولية،بل هو شيئ كامن تحت السطح , شيئ " موجود في الباطن،لا يمكن أن تراه إلا إذا نفذنا إلى الشيئ ، و هو ما ينبغي على التحليل أن يخرجه إلى النور.
"الجوهر محجوب عنا"هذا هو الشكل الذي يتبناه مشكلنا. نحن نسأل "ماهي اللغة" ؟ " ما هي القضية"؟ وعلينا أن نقدم لهذه الاسئلة جوابا يغني عن طرح السؤال لاحقا،وبصرف النظر عن كل تجربة مستقبلية.
في الفقرة 90 أيضا يتحدث فتغنشتاين عن "مبحثه" باعتباره مبحثا لا يستهدف الظواهر بل إمكانات الظواهر" و أن مبحثه النحوي مبحث يلقي الضوء على مشاكلنا بإزالته سوء الفهم. والعملية التي يقتضي الأمر القيام بها لتحقيق ذلك هي التحليل. في هذه الفقرة أيضا كلما ذكرت كلمة مبحث فهي إما ترجمة ل Untersuchung  أو Betrachtung.
-         في الفقرة 490   يترجم Experimentelle Untersuchung  ببحث تجريبي و
ليس بتحقيق تجريبي. بينما المترجم داستور ترجمها ب Recherche expérimentale  و المترجمة الانجليزية بدورها حافظت على ثبات المصطلح إذ استعملت Experimentale investigation  وهي نفس الترجمة عند شواته    وهاكر   في الطبعة الرابعة المراجعة و المنقحة. ونفس الثبات نلمسه عند عزمي إسلام إذ ترجمها بالبحوث التجريبية. [18]
الملفت للانتباه  في عدم ثبات المصطلح عند عبد الرزاق بنور هو أنه في الوقت الذي استعمل تحقيقات فلسفية  في أول جملة في الفقرة الأولى التي يقول فيها فتغنشتاين " إن الأفكار التي أنشرها في هذا الكتاب،هي ترسبات تحقيقات فلسفية" ، نجده على ظهر الغلاف يستعمل كلمة أبحاث التي اعتبرها لا تفي بالغرض يقول على غلاف الكتاب " إن الأفكار التي انشرها في هذا الكتاب هي ترسبات أبحاث فلسفية". بينما في  ترجمة عزمي إسلام ورد   "أن الافكار التي أنشرها هنا هي حصيلة بحوث فلسفية شغلتني على مدى السنوات الستة عشرة الأخيرة"[19].
بناء على كل هذه التبريرات أعتقد أنه كان من الأفضل الاقتداء بترجمة عزمي إسلام في هذا الباب وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها بدل تجاهلها. واعتماد فلسفة فتغنشتاين نفسه التي تؤكد على الاستعمال، فالأكثر تداولا هو البحوث و الأبحاث و  مباحث، وإن كانت تفتقر إلى التأصيل  في اللغة العربية، و ليس التحقيق أو التحقيقات التي مجالها القضائي و الأمني أكثر من المجال الفلسفي.
6- في الخلط بين المعنى و المدلول
يعد مفهوما المعنى و المدلول من المفاهيم الملتبسة في نص  بحوث فلسفية ، و هذا البس هو السبب في اختلاف الترجمة العربية. و سر هذا الاختلاف ليس راجعا إلى اللغة  العربية ذاتها، بل إلى وقوع المترجم عزمي إسلام ضحية تأويلات و تقديرات المترجمة أنسكوم، نظرا للخلط الذي وقعت فيه في ترجمة اللفظتين الألمانيتين [20]Bedeutung und Sinn   و التي ترجمتهما  مرارا بكلمة Meaning  التي ترجمها عزمي إسلام في نصه بمعنى ..وهذا الأمر انتبه له المترجم عبد الرزاق بنور الذي اعتمد النص الألماني و الترجمات الفرنسية التي ميزت بين المفهومين Signification et Sens .
هذه اللفظة تمثل بالنسبة لفتغنشتاين مصدر كثير من القلاقل الفلسفية وقد علق عليها بالرجوع إلى أصلها الألماني يقول " لفظة مدلول Bedeutung  أصلها في الألمانية من deuten  أي يشير" [21] ، وعلى خلاف التقابل الذي أقامه فريغه بين " Bedeutung und Sinn   نجد فتغنشتاين يستبعد هذا التقابل و يربط المدلول بالاستعمال" مدلول لفظة هو استعمالها في اللغة"[22]. فنحن من نضفي الدلالة على ألفاظنا من خلال الاستعمال " ينبغي أن لا تنسوا أبدا أنه ليس للألفاظ إلا الدلالات التي أعطيتموها لها ، هذه المعاني وقع اكتسباها من تفسيراتنا"[23].
بناء على هذا الفهم للعلاقة بين اللفظتين ذكر Hallett  و Savigny أن  فتغنشتاين  خصص في بحوث فلسفية  المدلولBedeutung  للفظ و المعنى للجملة Sinn  وهي الترجمة التي تبناها عبد الرزاق  بنور باستثناء بعض الحالات التي لم يستعمل فيها فتغنشتاين نفس التقابلات " فعلى الأقل في مناسبة واحدة استعمل لفظة  دلالةBedeutung  وهو يتحدث عن الجملة . وقد تم ذلك في الفقرة 540 التي تكلم فيها عن استعمال شخص لكلمات مركبة شكلت صرخاته مؤلفة جملة هي مجرد لغو لا معنى لها ، لكن عند مساءلته يقول أنه كان  يقصد بها " الحمد لله ، أن المطر سيكف عما قريب". هذه الجملة التي نطق بها يقول الشخص و التي هي مجرد لغو بالنسبة لنا  يقول عنها فتغنشتاين " في هذه الفقرة " ألم يكن يفهم جملته عندما قالها؟ ألا تحمل بداخلها كامل مدلولها؟ هذا الربط بين المدلول و الجملة في هذه الفقرة انتبه له المترجم عبد الرواق بنور و هو نفس الأمر الذي نجده في الترجمة الفرنسية الذي ترجم Satz  ب Phrase  تماشيا مع معنى الفقرة ككل و هذا ما ورد أيضا في الترجمة الإنجليزية طبعا التي استعملت Sentence  بدل Proposition.
&540 : Hat er diesen Satz nicht verstanden, als er ihn sagt? Trug der Satz nicht seine ganze Bedeutung in sich?
& Dastur: N’a-t-il pas compris cette phrase au moment où il l’a prononcée? Et celle-ci ne contenait-elle pas en elle toute sa signification?
& Schulte and Hacker: Didn’t he understand the sentence as he was saying it? Wasn’t the whole meaning in there sentence?
ترجمة عزمي إسلام   :ماذا أقول الآن ؟ ألم يكن يفهم معنى العبارة حين قالها ؟ ألم يكن المعنى كله موجودا هناك في العبارة؟
يمكن الإشارة أيضا إلى خطأ مماثل في ترجمة أنسكوم و عزمي إسلام  الذي ترجم عنها ، والخطأ يتمثل في استعمال معنى ثانوي و معنى أولي للكلمة و الصحيح أن فتغنشتاين يتحدث عن المدلول الأولي و الثانوي. والنقد الذي و جهه شولته و هاكر لأنسكوم راجع إلى استعمالها Sense  بدل Meaning. لكن في الترجمة  الفرنسية نجد التمييز واضح بين Signification  primaire et secondaire    وهي في الأصل الألمانيBedeutung    Primäre  und sekundäreواللذان ترجمتهما أنسكوم Primary and secondary sense . في مقابل هذين اللفظتين نجد الاختلاف أيضا بين عبد الرزاق بنور الذي اختار المدلول الأولي و الثانوي لأن الأمر يتعلق باللفظة و بمستويات معانيها،  بينما عزمي إسلام ترجمهما ب  "معنى أولي و ثانوي" . وهذا ما توضحه الترجمات المختلفة لهذه الفقرة :
Wittgenstein II S 216: Gefragt, “Was meinst du hier eigentlich mit „fett“ und „mager“?“- Könnte ich die Bedeutungen nur auf die ganz gewöhnliche Weise erklären. Ich könnte sie nicht an den Beispielen von Dienstag und Mittwoch zeigen. Man könnte hier von „ primärer und sekundärer“ Bedeutung eines Wortes reden. Nur der, für den das Wort jene Bedeutung hat, verwendet es in dieser.
 Dastur et autres .II p 304 : Si l’on me demandait : «  Que  veux dire  ici à proprement parler par gras et par maigre ? » -, je pourrais seulement expliquer la signification de ces mots de la manière la plus ordinaire.Et il ne me serait pas possible de la montrer sur les exemples du mardi et mercredi. On pourrait parler ici de signification "  primaire"  et "secondaire" d’un mot.Seul possède la première de ces signification l’emploiera dans la seconde.
ترجمة عبد الرزاق بنور :إذا سئلت : " ماذا تعني هنا بالتحديد ب < سمين >  < هزيل > ؟ فهل أستطيع أن أفسر مدلولي هاتين اللفظتين بالاعتماد فقط على الطريقة المعتادة ؟ لن أتمكن من الإشارة إليهما باستعمال مثالي الثلاثاء و الأربعاء. بإمكاننا أن نتحدث هنا عن مدلول اللفظة <الأولي> و مدلولها الثانوي. ولايستعمل هذه اللفظة بمدلولها<الثانوي> إلا من يعتبر أن لها مدلولا أوليا.  ص 455
Schulte and Hacker & 275- 276 :  Asked “What do you really mean here by ‘fat’ and ‘lean’, I could only explain the meanings in the usual way. I could not point them out by using Tuesday and Wednesday as examples. Here one might speak of a ‘primary’ and ‘secondary’ meaning of a word. Only someone for whom the word has the former meaning uses it in the latter.
ترجمة أنسكوم التي نقل عنها عزمي إسلام:
Asked “What do you really mean here by fat and lean?- I could only explain the meanings in the usual way. I could not point to the examples of Tuesday and Wednesday. Here one might speak of a “primary” and “secondary” sense of a word. it is only if the word has the primary sense  for you that you use it in the secondary one. P 216
 عزمي إسلام  ج II ص : 325 إذا سألني سائل ( ما الذي تعنيه هنا في الواقع بكلمة " بدين" و كلمة " نحيف"؟- فلن أستطيع تفسير معناهما إلا بالطريقة المعتادة. لن يمكنني الإشارة إلى مثالي الثلاثاء و الأربعاء. هنا يمكننا أن نتكلم عن معنى" أولي و معنى ثانوي" لكلمة ما. بمعنى أنك لا تستخدم الكلمة بمعناها الثانوي إلا إذا كان لها عندك معنى أولي.           
الملاحظ في الترجمة الانجليزية أنها غالبا ما تستعمل كلمة Meaning  مقابلا لكل من Bedeutung  و Sinn سواء تعلق الأمر بالجملة أم باللفظ. لكن الملاحظ أن حتى هذا الاختيار لم يكن ثابتا في ترجمة النص. ففي بعض الأحيان كانت المترجمة تلجأ إلى استعمال كلمة Sense و التي كانت تستعمل حينما يتعلق الأمر بالحديث عن المعنى بشكل عام. لكن في بعض الأحيان كانت تميز بين Meaning   مقابلا ل Bedeutung و Sense مقابلا ل Sinn. وهذا التمييز يحضر بصفة  ثابتة عند المترجم الفرنسي و في الترجمة العربية لعبد الرزاق بنور. .بينما عزمي إسلام ظل مرتبطا بالترجمة الانجليزية لأنسكوم  الشئ الذي أوقعه في الأخطاء التي و قعت فيها و حتى مراجعة عبد الغفار مكاوي للنص المترجم  اعتمادا على النص الألماني لم يغير من الأمر شيئا.
في هذه الفقرة التي رجع فيها إلى معنى الجملة و اللفظة وعلاقته بالسياق استعمل فتغنشتاين  كالعادة Sinn  كلما تعلق الأمر  بالجملة ، و Bedeutung   كلما تعلق الأمر  باللفظة.
§ Die Bedeutung ist nicht das Erlebnis beim Hören oder Aussprechen des Wortes, und der Sinn des Satzes nicht der Komplex dieser Erlebnis-( Wie setzt sich der Sinn des Satzes“ ich habe ihn noch immer nicht gesehen“ aus den Bedeutung seiner Wörter zusammen?).Der Satz ist aus den Wörtern zusammengesetzt, und das ist genug. II S 181
Schulte and Hacker  § 37 : The meaning of a word is not the experience one has in hearing or uttering it, and the sense of a sentence is not a complex of these experiences. (How is the sense of the sentence “I haven’t seen him yet” composed of the meanings of its words?) The sentence is composed of the words, and that is enough.[24] (In this paragraph there is no difference between Anscombe and Schulte)
Dastur et autres : La signification n’est pas l’expérience que l’on a quand on entend ou qu’on prononce un mot, et le sens d’une phrase n’est pas le complexe de ces expériences.- (Comment le sens de la phrase : «  Je ne l’ai toujours pas vu » se constitue-t-il à partir de la signification de chacun des ses mots ?) la phrase est constituée de mots, et cela suffit. P 258
 ترجمة عبدرالرزاق بنور: لا تتمثل الدلالة في أن تعيش التجربة التي تحصل عند السماع أو النطق بالألفاظ، ولا يتمثل معنى القضية  في  تراكب هذه التجارب.- (كيف يتركب معنى القضية: "لم أره حتى اللحظة" من مدلولات الألفاظ التي تكونها؟ ). تتكون القضية من مفرد و هذا يكفي.ص 403
ترجمة عزمي إسلام : إن معنى الكلمة ليس هو الخبرة التي تتوفر لدى الأفراد أثناء سماعه أونطقه بها.كما أن معنى العبارة ليس مركبا من مثل هذه الخبرات.( كيف تؤدي معاني الكلمات المفردة إلى تكوين معنى العبارة التالية : " إنني لم أره بعد". إن العبارة تتكون من الكلمات،وهذا يكفي.
في هذه الفقرة يترجم عزمي إسلام  Bedeutung und Sinn  والتي قابلتها أنسكوم و شولته  ب ،  Sense  and Meaning  ، بالمقابل معنى سواء تعلق الأمر بالكلمة أو الجملة. وهي الترجمة التي تظل ثابتة في ترجمته سواء  استعملت المترجمة انسكوم Meaning or Sense ..  كما نلاحظ فهو يستعمل في ترجمته العبارة مقابل الجملة Satz. كما أن أنسكوم  من النادر ما تستعمل Sense  مقابلا ل Sinn فغالبا ما تستعملMeaning    مقبلا لهما معا.
7- في اللبس الحاصل  بين الجملة والقضية[25]          
بين المترجم الصعوبات التي تعترض الباحث في ترجمة بعض المصطلحات الألمانية التي تستعمل في سياقات مختلفة بنفس المعنى.وتعد كلمة Satz  واحدة من الكلمات التي تطرح مشاكل في فهم فلسفة فتغنشتاين[26].وقد كانت المترجمة أنسكوم واعية بهذا المشكل فترجمت Satz  مرة ب Sentence  و في مناسبة اخرى بProposition  والمترجم الفرنسي داستور بدوره ميز في ترجمته ل Satz ، إذ ترجمها مرة ب Proposition  و مرة أخرى ب Phrase . فالباحث عبد الرزاق بنور يقول في تقديمه أنه استعمل "جملة" مقابلا ل    Satz  في الوقت الذي يتعلق الأمر بالجملة النحوية و ليست المنطوقة أو القضية المنطقية."[27]  . على خلاف عبد الرزاق بنور لم يقدم عزمي إسلام أي مبرر لاختياراته، لأن الانطلاق من التقسيم الوارد عند أنسكوم يعفيها من ذلك التبرير. و لهذا ظل يصيب المعنى حينما تصيبه و يخطئ حينما تخطئ.  و في سياق نفس المنحى  سار المترجمان و المراجعان للترجمة الرابعة شولته و هاكر في ترجمتهما الأخيرة ، لكنهما اختلفا مع أنسكوم  في بعض الفقرات التي لم تتوفق في الترجمة الدقيقة لكلمة Satz. و الأكثر من ذلك فقد أضافا مصطلحا آخرا مقابلا لها و هو Remark.[28] هذه الأخطاء التي وقعت فيها أنسكوم كان لها تأثير على المترجم عزمي إسلام الذي انطلق مباشرة من النص الإنجليزي كما أن المراجع نفسه لم ينتبه لها، لأنه ليس متخصصا في  فلسفة فتغنشتاين.وتجدر الإشارة أن المترجم عبد الرزاق بنور بدوره لم يتمكن من تجاوز الخطأ بالرغم من انطلاقه من النص الألماني. و السبب في اعتقادنا يرجع الى التأثير الذي مارسته عليه الترجمة الإنجليزية التي كان لا يسايرها في كثير من الفقرات لكنه اعتمد عليها و قدم شهادة في علميتها، بالرغم من كونها ترجمة تأويلية. فيبدو  أنه وقع تحت تأثير تقديرات أنسكوم في بعض الفقرات لأنهما توافقا على نفس الخطأ . لكن بعودته إلى الترجمة الفرنسية الأخير لداستور وهي ترجمة  متقنة على حد تعبيره  كان بإمكانه ان يتجنب بعض هذه الأخطاء لأن فيها اجتهاد كبير. لكن كما أخبرنا في المقدمة أنه لم يستفد منها كثيرا لأن العمل كان قد أشرف على نهايته.
في الأمثلة التي سأقدم سأبين هذه الملاحظة، و ذلك اعتمادا مني على الترجمة الأخيرة لشولته و هي الترجمة التي يمكن الاعتماد عليها لإعادة تصحيح الأخطاء الواردة عند الباحثين عبد الرزاق بنور و عزمي إسلام لانجاز ترجمة  ثالثة علمية ومنقحة مستقبلا.
المثال الأول من الفقرة 395
& 395 : Es besteht Unklarheit darüber, welche Rolle Vorstellbarkeit in unserer Untersuchung spielt. In wiefern sie nämlich den Sinn eines Satzes sicherstellt.
& 395 Anscombe: There is a lack of clarity about the role of imaginability in our investigation. Namely about the extent to which it ensure that a proposition makes sense
Schulte and Hacker: There is a lack of clarity about the role of imaginability in our investigation. Namely, about the extent to which it ensures that a sentence makes sense.
& 395, Dastur: Le rôle que joue la représentabilité  dans notre recherche n’est pas vraiment clair : Jusqu’à quel point garant- elle le sens d’une  phrase ?
بالنسبة للترجمة الفرنسية لداستور نحى نفس منحى شولته و هاكرمع العلم أنها ترجمة أنجزت قبل ترجمة شولته و هاكر، و هي ترجمة تعتمد النص الألماني مباشرة و قد  ترجمت Satz  ب Phrase  بدل Proposition.هذا التطابق بين الترجمتين الأخيرتين الفرنسية و الإنجليزية و اللتان تمتا في إطار عمل مشترك بين متخصصين في فلسفته ساهم في الانتباه لمثل هذه المشاكل التي تطرحها كلمات فتغنشتاين التي تقبل أكثر من معنى. وإذا رجعنا إلى الترجمة الفرنسية لا نجد أي مبرر لهذا الاختبار فهو اختيار مبني على فهم للمقصود من فلسفته، بينما شولته و هاكر بررا الأمر باعتباره يتعلق بالتخيل أو التصور كما يفضل عبد الرزاق بنور ترجمتها. فالإشكالية متعلقة بمعنى الجملة التي من المفترض أن يتحدد معناها بالتخيل و ليست القضية . و شخصيا مع هذا الاختيار في وفي بحوث فلسفية،وهي من الأعمال المتأخرة لفتغنشتاين، نجد أنفسنا أمام إشكالية اللغة الطبيعة القابلة للتأويل وإدراكها يحتاج إلى القدرة على التخيل وهذا ما لا ينطبق على القضية  التي تقتضي الحكم عليها بالصدق أو الكذب تبعا لعلاقتها بالواقع أو اعتمادا على معايير منطقية لا تقبل التخيل. يتحدث فتغنشتاين في هذه الفقرة على القابلية للتخيل أو التمثل ودورها في الوصول إلى إدراك معنى الجملة. و لا يمكن لفنغنشتاين في أعماله المتأخرة أن يقصد القضية في هذه الفقرة.الواضح إذا أن فتغنشتاين يتساءل عن قدرة التخيل بخصوص الجملة. فنحن أمام فيلسوف يفكر في الألعاب اللغوية التي تحتاج إلى تخيلات نظرا لاستعمالاتها الممكنة في سياقات مختلفة.[29]
بالنسبة للترجمتين العربيتين و ردت عندهما ترجمة Satz   بقضية
ترجمة عزمي إسلام :هناك افتقار إلى الوضوح حول الدور الذي تلعبه قابلية (شيء ما) للتخيل في بحثنا .أعنى حول مدى قدرتها على تأكيد أن إحدى  القضايا ذات معنى.
ترجمة عبد الرزاق بنور: يوجد هناك غموض حول الدور الذي تؤديه التصورية   Vorstellbarkeit في مبحثنا، وكذلك إلى أي مدى تثبِت بالفعل أن للقضية معنى.
إذا كانت الترجمتين الحديثتين اتفقتا على نفس الترجمة Satz  بجملة في هذه الفقرة ، فإن الترجمتين العربيتن اتفقتا على نفس الخطأ.وهذا راجع لسببين كما بينا من قبل: أن عزمي إسلام سقط في نفس خطأ أنسكوم ما دام يعتمد ترجمتها، بينما الأستاذ عبد الرزاق بنور يبدو أن خطأه  يعزى إلى اعتماده على هذه الترجمة كترجمة مساعدة.
و تجدر الإشارة أيضا، أن هذا الخطأ تكرر في الفقرة [30]396 – و  في الفقرة 105  حيث نجد اجتهادا لدى المترجمين شولته و هاكر إذ ترجما Satz  ب Sentence  عكس أنسكوم  و كان مبررهما  أن فتغنشتاين يتحدث في الفقرة عن  "طبيعة العلامة اللسانية " [31]   مقابل هذه الترجمة اختار هذه المرة داستور Proposition   و نفس الأمر في الترجمة العربية عند عبد الرزاق  بنور وعزمي إسلام إذ اختارا قضية. الفرق الموجود هو أن عبد الرزاق بنور غالبا ما يختار جوهر مقابلا ل Wesen  بينما عزمي اسلام يترجمها بماهية ( كما في ماهية اللغة) لكن في هذه الفقرة اختار " طبيعة اللغة" تماشيا مع أنسكوم Nature of language 
المثال الثاني: الفقرة 554
تعالج هذه الفقرة التي توقف فيها فتغنشتاين عند فكرة النفي في اللغة مسألة الجملة أيضا. لكن الترجمات التي أنجزت لها شابتها الكثير من الأخطاء في الترجمة العربية لعزمي إسلام والترجمة الفرنسية . بينما المترجم عبد الرزاق بنور انتبه في هذه الفقرة إلى أن الأمر يتعلق بالجملة و ليس بالقضية و لم يذهب لا مع الترجمة الإنجليزية لأنسكوم و لا مع الترجمة الفرنسية لداستور، فالمترجم الفرنسي و جماعته اقترحا هذه المرة ترجمة Satz   بقضية مثلما فعلت أنسكوم ، وهو الخطأ الذي انتبهت له ترجمت شولته و هاكر.
& 554:  Man könnte den Satz „ Er geht in das Haus“ verneinen.
بنور عبد الرزاق  : يمكننا أن ننفي الجملة "يدخل البيت".
عزمي إسلام : فقد يكون من الممكن نفي القضية التالية "إنه ذاهب إلى بيته".
Dastur : la proposition : « il entre dans la maison » pourrait être niée
Anscombe : It would be possible to negate the proposition “ He is going into the house”
 Schulte: It would be possible to negate the sentence “He is going into the house”.
يبدو أن داستور و أنسكوم و عزمي إسلام يخلطون في هذه الفقرة بين الجملة و القضية ، فالملاحظ أنهم في الفقرات السابقة استعملوا " جملة  بدل قضية لترجمة    Satz مع  العلم أن الأمر يتعلق بمسألة النفي للجملة ، و هذا ما توضحه الفقرة 551
&551:Ist es die gleiche  Verneinung: „ Eisen schmilzt nicht bei 100 Grad C‘ und „2 mal 2 ist nicht 5? Soll das durch Introspektion entscheiden werden; dadurch, daβ, wir zu sehen trachten was wir bei beiden Sätzen denken?

Schulte and Hacker: Is the negation in ‘Iron does not melt at 100 degrees Centigrade’ the same as in ‘Two times two is not five’?” Is this to be decided by introspection, by trying to see what we are thinking as we utter the two sentences?

-8قيمة الحقيقة أم قيمة  الصدق ؟
لقد اختلفت الترجمتان بخصوص ترجمة Wahrheitswert, Truth value , valeur vérité .و التي تعد من المفاهيم المنطقية الرئيسية في فلسفة فتغنشتاين. وهذا الاختلاف ليس واردا عند الباحثين، بل نجده شائعا في الترجمة العربية.فأعتقد أن الباحث عبد الرزاق بنور في ترجمته قيمة الحقيقة رجح ترجمة الباحث التونسي أبو يعرب المرزوقي الذي استعمل هذه الترجمة في ترجمته لكتاب  بسيط المنطق الحديث  لكواين.[32]، بينما ترجمها عزمي إسلام بقيمة الصدق. وهي ترجمة موفقة أكثر من ترجمة  قيمة الحقيقة\، لأن السياق منطقي صرف و المناطقة على اختلاف توجهاتهم تواضعوا على ثنائية الصدق و الكذب منذ أرسطو. و لنا في قيدوم  المناطقة العرب   طه عبد الرحمان و خلفه حسان الباهي حجة  في هذا الاختيار. ففي تحديدهما لنموذج الصدق يرجعان إلى تارسكي. يقول المفكر طه عبد الرحمان في كتابه في أصول الحوار و تجديد علم الكلام" إن نموذج الصدق يقوم على مواضعة معروفة باسم (ص) و منسوبة إلى تارسكي، وتفيد هذه المواضعة أن صدق الجملة قائم في تحصيل شروط صدقها و صورتها: ( تصدق جا إذا كان وفقط  إذا كان ش). و قد اعتمد بعض المناطقة و اللسانيين أمثال دافيدسون،ولاكوف هذه المواضعة في تحديد الدلالة اللغوية،فجعلوا دلالة الجملة هي مجموعة الشروط الضرورية لصدقها"[33]
يمكن العودة أيضا إلى كتاب حسان الباهي،الحوار و منهجية التفكير النقدي، الذي رجع فيه إلى تناول مقاربات نظرية الصدق و من جملة ما توقف عنده و هو يحيل إلى المقاربة التقليدية لأرسطو التي رسمت معالم المنطق ، مبينا أن هذه المقاربة تتميز بما يلي:
1-    تحديد شروط الصدق بالاستناد إلى ثنائية القيمة المتمثلة في الصدق و الكذب. فكل قضية    ( جملة خبرية) مهما كانت هي إما صادقة وإما كاذبة.
2-    جعل الصدق و الكذب معايير ثابتة بمعنى أن تصديق القضايا أو تكذيبها يتم بكيفية مطلقة و أبدية.[34]
و إذا رجعنا إلى ترجمة عزمي إسلام فهي مبنية على أساس فهمه السابق، فهو سبق له أن تناول هذه القضية في كتابه عن فتغنشتاين واستعمل" قيمة الصدق" بدل" قيمة الحقيقة"إذ أشار في نصه إلى أن فريغه هو من توصل إلى هذه الفكرة بعد جهد كبير و عمل شاق في نظرية "المعنى و الصدق". و قيمة صدق القضية هو صدقها أو كذبها تبعا للموضوع الذي تخبر به أو كما يقول فريغه"  الصدق إذا كانت صادقة، والكذب إذا كانت  كاذبة"[35].
بناء على هذا التواضع على فكرة الصدق بالنسبة للقضية في المنطق و اللسانيات و ما دام أن فيلسوفنا ينتمي إلى نفس المجال فهو لايتكلم نفس اللغة، بل يؤسس لها. فنحن نرى ترجمة Wahrheitswert  " بقيمة الحقيقة" بدل قيمة الصدق ترجمة مجانبة للصواب. فالحقيقة كترجمة لWahrheit تكون ترجمة صحيحة في الوقت الذي نتحدث عن الحقيقة بالمعنى العام في المجال الفلسفي. حقيقة كأن نقول " الحقيقة و المنهج"  لغادامر Gadamer  وكأن المنهج هو السبيل للوصول إلى حقيقة في تأويل نص فلسفي وإدراك لحقيقته التي تظل كيفما كان الحال حقيقة نسبية،بينما الصدق أو الكذب في المنطق يتسم بكونه حكم مطلق.
9-في الخلط بين التدريب و الترويض   Abrichtung  
يتناول فتغنشتاين في الفقرة    6مسألة تعلم اللغة لدى الطفل و يصف الطريقة التي يسلكها المعلم تجاه المتعلم و التي سماها " تعليم الألفاظ بالإشارة"  [36] و التي يتعلم الطفل بواسطتها اللغة البدائية التي تشبه اللغة التي يتحدث عنها أوغسطين. وقد مثل فتغنشتاين هذا النموذج بالعلاقة التي تربط بين البنَّاء ومساعده إذ كلما طلب منه شيئا وأشار له  يستجيب لندائه. نفس العملية يسلكها المعلم في تعليم الطفل اللغة البدائية ، يقول فتغنشتاين" يتمثل جزء هام من هذا الترويض في أن المعلم يشير إلى الأشياء، ويلفت إليها انتباه الأطفال و هو ينطق في ذات الوقت بلفظة ، مثلا لفظة بلاطة،مشيرا إلى ذلك الشكل.( لن أسمي هذا الإجراء تفسيرا بالإشارة أو تعريفا ، إذ ليس بإمكان الطفل  بعد أن يستخبِرَعن اسم الشيء بل أقول إن ذلك يكون جزءا مهما  من التدريب ، لأن الأمور تسير بهذه الطريقة بالذات عند البشر. وباستطاعتنا القول أن تعليم الألفاظ بالإشارة يقيم علاقة تداع[37] بين اللفظ و الشيء".
الملاحظ في ترجمة هذه الفقرة أن الإشكال يتعلق بترجمة [38]Abrichtung  الألمانية التي تطرح مشاكل في نقلها إلى العربية إذا لم ينتبه المترجم للمغزى العميق من الكلمة و سياق استعمالها لدى فتغنشتاين. وقد انتبه المترجمون لهذه الخصوصية. فالمترجم الإنجليزي ترجمها ب Training   و التي تفيد التدريب للإنسان و الترويض للحيوان في نفس الآن.بينما المترجم الفرنسي داستور نبه بدوره في مقدمة  ترجمته للفرق الموجود بين Dressage et entraînement  و اختار Dressage   مقابلا لها و التي ظل يستعملها في كل الفقرات[39].بينما في الترجمة العربية نجد الاختلاف بين ترجمتي عبد الرزاق بنور و عزمي إسلام. فالأول كان موفقا في ترجمتها بترويض تماشيا مع ما يقصده فتغنشتاين و قد برر اختياره بإحالة أخرى من نص  الكتاب البني الذي أشار فيه فتغنشتاين إلى الربط بين Abrichtung  التي يستعملها للحيوان. و هي الإحالة التي لم تترك مجالا للتأويل في اختيار كلمة " تدريب كما اقترح عزمي إسلام في ترجمته اعتمادا على نص أنسكوم.لقد غاب عن فهمه هذا التبرير الذي قدمه فتغنشتاين،بل و غاب عنه مقصود الفكرة الواردة في الفقرة 6  و فقرات أخرى.
يكمن الفرق بين التدريب و الترويض في كون الأول يقوم على عملية من المهارات التي نسعى إلى تطويرها من أجل  التحكم فيما بعد في عمل أو نظام ما، وهذه العملية تقوم على التفسير و استخبار المعلومة و التقنيات المساعدة على ذلك.وهذا ما لا ينطبق على عملية "تعليم الألفاظ بالإشارة " كما يقصد فتغنشتاين و هي العملية التي تقوم على الفعل و رد الفعل و على استيعاب النظام بدل التحكم فيه و فهمه . " فالفهم نفسه هو حالة ينبثق منها الاستخدام الصحيح" وهذا ما ينطبق على تعلم سلسة حسابية التي يتحدد فهمها ليس بالوصول إلى العدد مائة مثلا، بل بالتحكم في النظام و الوصول إلى مرحلة التطبيق.[40] يقول فتغنشتاين في بطاقات " لاوجود لتفسير يجد أساسه في الترويض" كما يقصد به  تعليم الحيوان القيام بحركة أو بشيء ما"[41]
 تجدر الاشارة إلى أن المترجم عبد الرزاق بنور استعمل في الفقرة رقم 6 ترجمتين مختلفتين لكلمة Abrichtung   إذ وردت عنده مرة بترويض و هذا ما يدافع عنه ، لكن في نفس الفقرة وردت بتدريب. وهنا لا ندري هل الأمر عفويا أم له ما يبرره، خاصة و أن المترجم ظل يستعمل ترويض[42] في الفقرات الأخرى طيلة الكتاب كما سنبين.
في الفقرة   5من بحوث فلسفية يقدم أيضا العلاقة بين الترويض و التعلم. وفي الفقرة نقدم الترجمات المختلفة لنبين الفرق بين الترجمات التي اقترحت للكلمة الألمانية Abrichtung
§5: Solche primitive Formen der Sprache verwendet das Kind, wenn es sprechen lernt. Das Lehren der Sprache ist hier kein Erklären, sondern ein Abrichten.
ترجمة عبد الرزاق بنور: "إن هذه الأشكال البدائية ( يقصد كيفية التعلم بالإشارة) هي التي يستعملها الطفل عندما يتعلم الكلام، فتعليم اللغة في هذه الحالات ليس تفسيرا و إنما هو ترويض"Abrichtung
 ترجمة عزمي إسلام: "والطفل إنما يستخدم مثل هذه الصور البدائية للغة حينما يتعلم الكلام .هنا لايكون تعليم اللغة بالشرح أو التفسير، بل يكون بالتدريب أو الأداء".
Schulte, Hacker and Anscombe: A child uses such primitive forms of language when he learns to talk. Here the teaching of language is not explaining, but training.
Dastur et autres : L ‘enfant emploie ces forms primitives de langage quand il apprend à parler. Ici, l enseignement du langage n’est pas une explication, mais un dressage.
المثال 2  في الفقرة 206
& 206 : Einer Regel folgen, das ist analog dem: einen Befehl befolgen. Man wird dazu abgerichtet und man reagiert auf ihn in bestimmter Weise. Aber wie, wenn nun der Eine so, der Andere anders auf Befehl und Abrichtung reagiert? Wer hat dann Recht?
& 206 Dastur et autres : Suivre une règle est analogue à obéir à un ordre. Nous avons été dressé à cela, est nous réagissons à l’ordre d’une manière déterminée. Mais qu’en est-il si quelqu’un réagit  l’ordre et au dressage d’une certaine façon et quelqu’un d’autre d’une autre façon ? Qui a raison en ce ca ?
&206 Anscombe: Following a rule is analogous to obeying an order. We are trained to do so; we react to an order in a particularly way. But what if one person reacts in one way and another in another to the order and the trainingWhich one is right?
& 206 Schulte and Hacker:  Following a rule is analogous to obeying an order. One is trained to do so, and one reacts to an order in a particular way. But what if one person reacts to the order and training thus, and another otherwise? Who is right, then?
         عبد الرزاق بنور:أن نمتثل لقاعدة يشبه أن نمتثل لأمر.لقد وقع ترويضنا على ذلك و نحن نرد الفعل بطريقة محددة.و لكن ماذا لو امتثل أحد للأمر أو للترويض بطريقة كذا و الأخر بطريقة ثانية. من منهم سيكون على حق؟
عزمي إسلام :إن اتباع قاعدة أشبه بإطاعة أمر. و نحن نُدرّبُ على ذلك ، و نستجيب  للأمر بطريقة معينة. لكن كيف يكون الحال إذا ما استجاب شخص للأمر و التدريب بطريقة معينة،و استجاب شخص بطريقة أخرى ؟ أيهما يكون على صواب؟
-10العلامة اعتباطية أم تحكمية 
بحكم اشتغاله على اللغة الطبيعية تناول فتغنشتاين طبيعة العلامة اللغوية والعلاقة التي تحكم نحو اللغة و الألعاب اللغوية و القواعد المنظمة للغة. وسيرا على نهج فلاسفة اللغة و اللسانيين كان رأي فتغنشتاين في هذا الباب يميل إلى ترجيح فكرة الاعتباطية أو التحكمية على فكرة العلاقة الطبيعية. وفي نص فتغنشتاين العديد من الفقرات التي تؤكد هذه الفكرة. وهي الفقرات التي وقع فيها الاختلاف بين عبد الرزاق بنور و عزمي إسلام بخصوص ترجمة المصطلح الألماني Willkürlich  و الإنجليزي Arbitrary . إذ اقترح عبد الرزاق بنور ترجمتها باعتباطية و هو المصطلح الذي أصبح بحكم الاستعمال متداولا بين الباحثين.والاعتباطية جاءت من اعتبط  في لسان العرب أي مات بغير علة وسميت العلاقة اعتباطية لغياب العلة بين اللفظ و الواقع. وفي ترجمة عزمي إسلام نجد  تحكمية أو تعسفية أو جزافية وهي  قليلة التداول اليوم مقارنة باعتباطية وأعتقد أن تراجع هذا الاستعمال يجد مبرره في إيحاءاته السياسية في العالم العربي الذي يعيش في ظل أنظمة تعسفية تحكمية استبدادية.
في الفقرة 497 : نستطيع أن نسمي قواعد النحو "اعتباطية" إذ ا أردنا أن نقول من خلال ذلك أن هدف النحو هو هدف اللغة. ترجمة عبد الرزاق بنور
" إن قواعد النحو توصف بأنها" تحكمية " إذا كان ذلك يعني أن الهدف من النحو هو نفسه الهدف اللغة. ترجمة عزمي إسلام
الفقرة 508 : أنطق بقضية " إن الطقس جميل جدا" لكن الألفاظ ليست إلا علامات اعتباطية- فلنضع مكانها هذه العلامات( أب ج د) ت عبد الرزاق  بنور
إنني أقول العبارة التالية: الجو جميل لكن الكلمات –في نهاية الأمر- علامات تحكمية- و لهذا فلنضع مكانها هذه العلامات.(اب ج د) ت عزمي إسلام
نفس الأمر نجده في الفقرة 372   إذ يستعمل بنور اعتباطية بينما عزمي إسلام اختار مرادفات تحكمية و قال تعسفية أو جزافية. وهذا الاختيار نجد في المغرب عند المنطقي حسان الباهي بدوره يستعمل "تحكمية في كتابه "  اللغة و المنطق " الذي سبقت الإشارة اليه.
-11استعمال و استخدام - تطبيق Gebrauch, Verwendung und Anwendung
يستعمل فتغنشتاين هذه الألفاظ الثلاثة  بمعاني متقاربة فيما بينها في الوقت الذي يتحدث عن وظيفة  اللغة. و نظرا للتقارب القائم بينها فهي تطرح صعوبة في نقلها إلى اللغات الأخرى الأجنبية. وقد انتبه المترجمون إلى هذا التقارب الدلالي.فالترجمة المراجعة التي قام بها شولته و هاكر للنص الإنجليزي كشفت أن المتخصصة في ترجمة فتغنشتاين أنسكوم بالرغم من إحاطتها الشاملة بنص فتغنشتاين،فهي لم تسلم من الوقوع في الخلط في بعض الفقرات.وقد اقترح شولته و زميله هاكر  وضع Employment or Use   مقابلا  للفظة Verwendungو نفس الترجمة وضعت للفظ Gebrauch  وهي  الترجمة المستعملة في نص أنسكوم ، لكن في بعض الأحيان تخلط بين الألفاظ فتترجم Verwendung  ب Application. هذه الترجمة الأخيرة خضعت للمراجعة في النص الجديد إذ نجد شولته و زميله يترجمان Application  مقابلا ل Anwendung.[43]
هذا الاقتراح في الترجمة المعدلة نجده مثيله في الترجمة الفرنسية[44] وترجمة عبد الرزاق بنور و إلى حد كبير عند عزمي إسلام.
يشير عبد الرزاق بنور في المقدمة التي خص بها الترجمة، أنه سيخصص استخدام لترجمة Anwenden( أو تطبيق في بعض الحالات، عندما يقتضي السياق) واستعمال لترجمة Verwenden أو gebrauchen وهما لفظتان مستعملتان بنفس العدد في النص الألماني.وقد نبه الباحث إلى أن Gebrauch تحتوي معنى العادة مثلما نقول اللغة العادية(الدارجة) لنعني بها اللغة المستعملة.[45]
هذا الاختلاف في ترجمة هذه الألفاظ كان له تأثيرا على الترجمة العربية. إذ نجد المرحوم عزمي إسلام و تحت تأثير الترجمة الإنجليزية و قع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها أنسكوم،وهذا المثال من الفقرة 11 يبين هذا الخلط، إذ نجد عزمي إسلام يترجم Application  بتطبيق أو استخدام الشيء الذي يعكس تردده في ترجمتها ، بينما الأمر يتعلق باستعمال الألفاظ في اللغة مثل استعمال الأدوات الموجودة في الصندوق وكل استعمال يؤدي إلى معنى معين و هذا يتماشى مع أطروحة فتغنشتاين المركزية" معنى اللفظ يوجد في الاستعمال فالتطبيق له دلالة  أخرى تقنية و تجريبية أكثر.وهذا ما انتبهت له الترجمات الأخرى التي ترجمت الكلمة الألمانية Verwendung  بما يفيد الاستعمال .
مثال الفقرة 11
&11: Freilich, was uns verwirrt ist die Gleichförmigkeit ihrer Erscheinung, wenn die Wörter uns gesprochen, oder in der Schrift und im Druck entgegentreten. Denn ihre Verwendung   steht nicht so deutlich vor uns. Besonders nicht, wenn wir philosophieren. P 11
ترجمة عبد الرزاق بنور: إن الذي يوقعنا بالطبع في الخلط هو تماثل المظهر المطرد للألفاظ في القول أو الكلمات في الكتابة و الطباعة، لأن استعمالها لا يظهر لنا بكل شفافية ووضوح خاصة إذا كنا نتفلسف.
 &11 Anscombe: Of course, what confuses us is the uniform appearance of words when we hear them spoken or meet them in script and print. For their application is not presented to us so clearly. Especially when we are doing philosophy!
ترجمة عزمي إسلام : و من الطبيعي أن يكون ما يؤدي إلى الخلط بالنسبة لنا،هو المظهر الموحد للكلمات،حينما نستعملها منطوقة او نجدها مكتوبة أو مطبوعة. ذلك لأن تطبيقها أو استخدامها لا يكون ماثلا أمامنا بوضوح كاف وخاصة إذا كنا نتفلسف !
بالرجوع إلى الترجمة النقدية  لشولته وهاكر نلمس ماقلناه سابقا
&11 Schulte and Hacker: Of course, what confuses us is the uniform appearance of words when we hear them in speech, or see them written or in print. For their use is not that obvious. Especially when we are doing philosophy!
&11 Dastur et autres : Ce qui nous égare, il est vrai, est l’uniformité de l’apparence des mots lorsque nous les entendons prononcer ou que nous les rencontrons écrits ou imprimés. Car leur emploi ne nous apparaît pas si nettement. Surtout pas quand nous philosophons!
 يمكن العودة أيضا إلى الفقرة 21   وفقرات أخرى لنجد نفس الخلط لدى عزمي إسلام و أنسكوم.
صحيح أن كلمة  Application  لها نفس مرادف " استعمال في  اللغة العربية ، لكن عزمي إسلام لم يستعمل هذه الترجمة للكلمة الانجليزية ،بل فضل المقابل تطبيق و هذا لا يؤدي معنى الاستعمال الذي يقصده فتغنشتاين.
خاتمة
ليس من السهل القيام بمراجعة نقدية لترجمة عمل مثل بحوث فلسفية لفتغنشتاين،لكن القيام بمقارنة بين عملين بناء على اجتهادات ترجمات أخرى مكنا من إدراك العديد من المشاكل التي يطرحها نقل فتغنشتاين إلى اللغة العربية.فإذا كان لعزمي إسلام السبق في نقل هذا النص المعقد إلى اللغة العربية عن الترجمة الإنجليزية،فإن هذه المبادرة تحسب له، لأن الرجل قام بهذا العمل دون الاستناد إلى ترجمات أخرى و دون الاستناد إلى النص الأصلي. في المقابل ما قام به الأستاذ عبد الرزاق بنور في ترجمته الثانية و إن كان أغفل ذكر مجهود الترجمة الأولى فهي ترجمة تتضمن مجهودا كبيرا لايمكن الاستهانة به، وقد تسنى له ذلك بالاستفادة من النصوص المترجمة و العودة إلى النص الأصلي، لكن لايعني أن ترجمته ترجمة مثالية.وبالتالي فتطوير هذه الترجمة اعتمادا على اجتهادات شولته و هاكر من جهة و داستور من جهة ثانية سيزيد من تنقيح النص دون أن ينقص من شأن مجهود الباحثين عبد الرزاق  بنور وعزمي  إسلام.فالترجمة هي عمل دائم و إلا ماذا عسانا أن نقول عن ترجمة أنسكوم التي نقحها   شولته وزميله هاكر بعد خمسين سنة من صدورها مع العلم أنها ترجمة أنجزتها باحثة متمرسة في فلسفة فتغنشتاين و في اللغة الألمانية. و نفس الأمر ينطبق على الترجمة الفرنسية التي قام بها فريق من البحث بإشراف داستور.
§        بناء على الترجمتين معا يمكن القول، أن القارئ العربي بدون العودة إلى الترجمات الأخرى أو النص الأصلي و هذا غير متاح نظرا لغياب الاهتمام باللغة الألمانية في العالم العربي،سيجد نفسه أمام تلقي غير منسجم لنفس الفكرة التي عبر عنها فتغنشتاين باللغة الألمانية.والأمثلة المقدمة في النص تعكس هذا الاختلاف.
§        -إن الاعتماد على ترجمة محددة  لترجمة نص فلسفي هي سيف ذو حدين يمكن أن تعطينا ترجمة جيدة إذا كانت الترجمة جيدة و يمكن أن نسقط دون أن نعلم في الأخطاء و التأويلات التي يسقط فيها المترجم الذي ترجم عن الأصل، وهذا ما ينطبق على ترجمة عزمي إسلام التي انطلقت من الترجمة الانجليزية.فهو لم يستطع التخلص من بنية النص الإنجليزي ومن الأخطاء التي وقعت فيها أنسكوم بناء على تقديراتها في فهم نص فتغنشتاين.
§        إن الاعتماد على النص الأصلي شيء جيد في الترجمة العلمية والاستئناس بترجمات أخرى موازية هو أيضا عمل جيد ، لكن هذه العملية بدورها إذا لم يرجح المترجم معنى الأصل على اجتهادات الترجمات الأخرى يمكن أن تساهم في التشويش على المعنى الحقيقي الواردة في الصيغة الأصلية، بحيث يتجه المترجم في نفس منحى اجتهاد الترجمة التي يستأنس بها وهذا الأمر يمكن أن يسقطه في نفس الخطأ الذي وقع فيه المترجم.
§        بناء على كل ما سبق يمكن القول، أن فعل الترجمة لا يمكن أن يتطور إلا بمأسسته من جهة و متابعته متابعة نقدية من جهة أخرى. فأعتقد أن المتابعة النقدية من الأبحاث التي لا زلنا لم نطرقه بعد،بل أن البعض يعتبره مجرد مضيعة للوقت اعتقادا منه أن ترجمة نص أفضل من متابعة نقدية لنص مترجم قصد تصيد أخطاء الآخر.

v    ببليوغرافيا المقال
1 - ا بن منظور، لسان العرب : ، طبعة جديدة و منقحة و مشكولة. تحقيق، عبد الله علي الكبير، محمد أحمد حسب الله،هاشم محمد الشاذلي ، دار المعارف، مصر ، بدون تاريخ
-2حسان الباهي ، اللغة و المنطق: بحث في المفارقات، المركز الثقافي العربي،دار ---  الأمان،المغرب،الطبعة الأولى 2000
-3حسان الباهي، الحوار و منهجية التفكير النقدي، إفريقا الشرق،الدار البيضاء2004
-6لودفيك فتجنشتين ، بحوث فلسفية، ترجمة وتعليق عزمي إسلام ، مراجعة و تقديم عبد الغفار مكاوي،جامعة الكويت،بدون تاريخ
-7لودفيك فتغنشتاين ،تحقيقات فلسفية، ترجمة و تقديم و تعليق عبد الرزاق بنور، المنظمة العربية للترجمة،2007
-8الجرجاني، التعريفات ، تحقيق محمد صديق المنشاوى دار الفضيلة،
-9 طه عبد الرحمان ، في أصول الحوار و تجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثالثة، الدار البيضاء،المغرب، الطبعة الثالثة 2007
-10عزمي إسلام ،لودفيج  فتجنشتين، نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بمصر،بدون تاريخ النشر.
مجمع اللغة العربية،  معجم الوسيط ، ، مطبعة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة،مصر2004
-11مراد وهبة،  المعجم الفلسفي ، دار قباء الحديثة مصر 2007
-12 ويلارد كواين ، بسيط المنطق الحديث، ترجمة أبو يعرب المرزوقي ، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت ، لبنان، الطبعة الاولى 1996
13- Wittgenstein, Ludwig, Philisophische Untersuchungen, auf der Grundlage der Kritisch-genetischen Edition, neu herausgegeben von Joachim Schulte mit einem Nachwort des      Herausgebers. Suhrkamp Verlag, 2003
14- Wittgenstein ,  Ludwig,  Philosophical investigations, the German text, with an English translation by G.E;M. Anscombe, P.M.S. Hacker and Joachim Schulte, Revised 4th edition by P.M.S. Hacker and  Joachim Schulte, Wiley- Blackwell, 2009
15- Wittgenstein, Ludwig, Philosophical investigations, second edition, translated by G, E, M, Anscombe, Blackwell, 1958
16- Wittgenstein, Ludwig,  Recherches philosophiques, traduit de l’allemand par Françoise Dastur, Maurice Elie, Jean-Luc Gautero,  Dominique Janicaude, Elisabeth Rigal , edition Gallimard,2004



[1]  تجدر الإشارة  إلى أن أعمال فتغنشتاين تخضع بصفة  دائمة لبعض التعديلات و التنقيحات كلما ظهر مخطوط لنص من نصوصه. فبعد النشرة التي اعتمد عليها عبد الرزاق بنور  والتي صدرت في 1990  نشر أيضا شولته نشرة مستقلة لكتاب " بحوث فلسفية "  سنة 2003دون الجزء الثاني و كتب مقدمة ملحقة Nachwort  ,
Ludwig Wittgenstein: Philosophische Untersuchungen, auf der Grundlage der Kritisch-genetischen Edition, neu herausgegeben von Joachim Schulte mit einem Nachwort des     Herausgebers. Suhrkamp  Verlag,2003
[2]  لودفيك فتغنشتاين ،تحقيقات فلسفية، ترجمة و تقديم و تعليق عبد الرزاق بنور، المنظمة العربية للترجمة،2007 ص 11 من التقديم
[3]  نفس المرجع ص 99
[4]  عزمي إسلام ،لودفيج  فتجنشتين، نوابغ الفكر الغربي، دار المعارف بمصر،بدون تاريخ النشر.
[5]  نفس المرجع ص 38
[6]   تكفي العودة إلى  مقدمة الترجمة الرابعة  الحديثة العهد  التي  أصدرها شولته وهاكر لنعرف مسار هذا الكتاب.انظر
Ludwig Wittgenstein : Philosophical investigations, the German text, with an English translation by G.E;M.Anscombe,P.M.S.Hacker and Joachim Schulte, Revised 4th edition by P.M.S.Hacker and  Joachim Schulte, Wiley- Blackwell, 2009
إن المقدمة التي كتبها المترجمان حددا فيها مجموع الأخطاء التي  وقعت فيها المترجمة أنسكوم التي أفنت عمرها مع أستاذها و فيلسوفها فتغنشتاين،  و هي أخطاء جد  دقيقة .و قد استغرق منهما إنجاز هذا  العمل وقتا طويلا بفريق بحث متكامل.  فقراءة المقدمة وحدها تعد درسا منهجيا في الترجمة.وبناء على هذا العمل القيم تبقى مسألة إعادة ترجمة عمل فتغنشتاين  بحوث فلسفية لعزمي إسلام ضرورية ما دام أنه اعتمد على ترجمة أنسكوم التي راجعها  هاكر و شولته .أما بالنسبة لترجمة  تحقيقات فلسفية فهي بدورها ينطبق عليها نفس الحكم بالرغم من أن عبد الرزاق بنور انطلق من النسخة الألمانية فهو وقع في أخطاء نتيجة اعتماده في بعض الأحيان على ترجمة أنسكوم, هذا دون الحديث عن أخطاء أخرى تتمثل في بعض الأحيان في غياب ثبات المصطلح في الترجمة.


[7] عزمي إسلام ،لودفيج  فتجنشتين، ص  38
[8]  تقديم ترجمة عبد الرزاق بنور ص 101
[9] Die Philosophischen Bemerkungen dieses Buches sind gleichsam eine Menge von Landschaftskizzen, die auf diesen langen und verwickelten entstanden sind. Vgl , Philosophische Untersuchungen, S 8
عبد الرزاق بنور، تحقيقات فلسفية،ص 114

[10] «  Übersetzte Wörter lügen immer, übersetzte Texte nur, wenn sie schlecht übersetzt sind »
ذكرت الجملة عند عبد الرزاق بنور ص 100 من التقديم
[11]  نفس التقديم ص 100
[12]  لودفيك فتغنشتاين، تحقيقات فلسفية ، هامش 175ص245
 [13]  نفس  المرجع  ص   113  
  [14]  بن منظور، لسان العرب : ، طبعة جديدة و منقحة و مشكولة. تحقيق، عبد الله علي الكبير، محمد أحمد حسب الله، هاشم محمد الشاذلي ، دار المعارف، مصر ، ص 24
[15]  معجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية، مطبعة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة،مصر،ص 40

[16] الجرجاني، التعريفات ، تحقيق محمد صديق المنشاوى دار الفضيلة، ص188
[17] Revised fourth edition by P. M. S. Hacker and Joachim Schulte, 2009 Blackwell
هذه آخر ترجمة و تحقيق أنجز لكتاب بحوث فلسفية و هي ترجمة تحتوي العديد من التعديلات على النص الإنجليزي و مقدمة المترجمين غنية بالتعديلات التي أدخلها على ترجمة المتخصصة أنسكوم.وهذا العمل أنجز بشكل جماعي, وفي الفقرة أعلاه نلاحظ تغيير essence of language  في المقطع الأخير بعبارة nature of langauge  والتي يترجمها عزمي إسلام اعتمادا على الترجمة القديمة بماهية بينما عبد الرزاق بنور ترجم الكلمة الألمانيةWesen   بجوهر و الأمر يتعلق بطبيعة اللغة.
[18]  انظر أيضا الفقرة 395 إذ ترجمت الكلمة بمباحث   و الهامش  314 إذ استعمل فيه  كلمة " أبحاث فريغه" عوض تحقيقات. ص 355
  تجدر الإشارة في هذا المقام  إلى أن مقدمة الكتاب هو من ترجمة المراجع عبد الغفار مكاوي الذي يخبرنا بأن المرحوم عزمي إسلام نسي ترجمتها و الباحث مكاوي يقول أنه راجع النص كلمة كلمة بالاعتماد على النص الألماني.و هو بدوره حافظ على كلمة بحوث أو أبحاث  في  Untersuchungen مقابل
 فتغنشتاين  الفقرة الأولى و غلاف الكتاب  [19]
[20]  في الهامش رقم 19 علق المراجع عبد الغفار مكاوي على ترجمة عزمي إسلام لكلمة Meaning  بمعنى و وقال في ظني أن الأمر يتعلق بالدلالة  لا بالمعنى و كان من الأـولى  أن تترجم    Bedeutung  إلى الانجليزية  ب Reference  و أن معنى يجب أن تكون مقابلا  Sinn التي يقابلها في الانجليزية Sense   بحوث فلسفية ص 71
لكن لحسن الحظ أن الأستاذ مكاوي اكتفى بذكر هذه الملاحظة في الهامش و لم يدخلها في النص المترجم و إلا لأصبح فتغنشتاين يتكلم لغة فريغه. فهذا الاقتراح الذي قدمه ينطبق على Bedeutung und Sinn   كما وردت في المقال الشهير لفريغه "حول المرجع و المعنى", أما و ان ينقل نفس المعنى لفتغنشتاين فإن المعنى كان سينقلب رأسا على عقب. 
[21]  عبد الرزاق بنور ،تحقيقات... ص  77
[22]  نفس المرجع ص 79
[23]  نفس المرجع ص 79
[24]    تجدر الإشارة إلى أن الترجمة الأخيرة التي أعدها شولته و هاكر أعيد تقسيمها إلى جزئين، إذ أعطوا للجزء الثاني عنوانا خاصا أسموه فلسفة علم النفس: شذرات . و قد وضعا ترقيما للفقرات لم يكن موجودا في الترجمة الأولى و لا حتى في النسخة الألمانية و ذلك تسهيلا على القارئ للوصول بشكل سريع للفقرة المقصودة في الإحالة. فكما هو أعلاه فالفكرة توجد في الصفحة 181  من ترجمة أنسكوم بينما في الترجمة الجديدة يمكن العودة بسهولة للفقرة 37 من " بحوث فلسفية" الجزء المعنون, Philosophie der Psychologie Ein Fragment  Philosophy of Psychology A Fragment


[25]   القضية لغة من القضاء، هو الحكم لأنها تتضمن حكما، و عند ابن سينا "القضية كل قول فيه نسبة بين شيئين بحيث يتبعه حكم صدق أو كذب( النجاة ص 12)مأخوذ من المعجم الفلسفي، مراد وهبة، دار قباء الحديثة مصر 2007 ص 494
[26] تجدر الإشارة إلى أنّ الألمانيّة  وعلى خلاف اللغات الأوروبية الأخرى،لا تميّز بين «جملة» و«قضيّة» باعتبار أنّها تستعمل لفظة Satz  للإشارة إلى كليهما،

[27] تقديم بنور ل تحقيقات فلسفية ص102
[28] Editorial preface  to the fourth  Edition , Wittgenstein : Philosophical investigations,op cit p , xiv
[29] in §3956, it is clearly the sentence, not the proposition, that is supposedly guaranted
its sense by the imagination , in Schulte and Hacker editorial preface , op cit , p  xiv
[30] & 396 , Schulte.  Es ist so wenig für das Verständnis eines Satzes wesentlich, daß man sich bei ihm etwas vorstelle, als daß man nach ihm eine Zeichnung entwerfe Vgl . It is no more essential to the understanding of a sentence that one should imagine something in connection with it than that one should make a sketch from it.( Schulte 2009)
Dastur ( compréhension d’ une phrase) , Anscombe ( The understanding of proposition)
عبد الرزاق بنور( فهم القضية)-  عزمي إسلام ( فهم القضايا),
[31] Das Wesen des eigentlichen Zeichen = The nature of the  real sign 
Said Schulte and Hacker in the editorial preface „ Wittgenstein here is focusing on linguistic signs (as is evident from the subsequent paragraph (‘And we rack our brains over the nature of the real sign’) as  so we have opted for ‘sentence’ here”p xiv
[32]  في عنوان  من الباب الأول  يترجم أبو يعرب المرزوقي   في  ص20 : قيم الحقيقة في مقابل (truth values) بدل "قيم الصدق"
في الباب الثاني من الكتاب ص 63 يترجم أيضا العنوان "  تحويل دوال الحقيقة" (truth-Functional transformations) بدلا من "تحويلات دوال الصدق"
[33]  للتفصيل أكثر حول نموذج الصدق يمكن العودة إلى كتاب الاستاذ طه عبد الرحمان ، في أصول الحوار و تجديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثالثة، الدار البيضاء،المغرب،ص 40. كما يمكن العودة كذلك إلى كتاب حسان الباهي الذي يؤكد نفس الفكرة و بمزيد من التفصيل أنظر، اللغة و المنطق: بحث في المفارقات، المركز الثقافي العربي،دار الأمان،المغرب،ص 98
[34] حسان الباهي، الحوار و منهجية التفكير النقدي، إفريقا الشرق،الدار البيضاء2004 ص80
[35]  عزمي إسلام ، فتجشتين، ص 40
[36] Hinweisendes Lehren der Wörter = ostensive teaching of words=enseignement ostensif des mots 
في الفقرة 1  من " الكتاب البني يستعمل ’demonstrative teaching of the words
[37] Associative Vebindung=Relation d’association= associative connection  
يترجم عزمي إسلام   العبارة بترابط وذلك تماشيا مع ترجمة أنسكوم التي ترجمتها ب Association  بنما اختار شولته ترجمتها ب = associative connection  اي ما يقابلها بالنسبة لنا علاقة ترابطية إذ كل واحد يستدعي الأخر,
[38] Abrichten: ( ein Tier , besonders einen Hund) zu bestimmten Leistungen oder Fertigkeiten  erziehen , dressieren , Duden Universalwörterbuch.
[39] Abrichtung : a été traduit par « dressage » ( et non par entraînement » , étant entendu d’une part que, dans d’autres textes, Wittgenstein applique le concept d’Abrichtung à l’animal(explique par exemple ,que l’on  peut dresser un chien, mais non un chat) et que d’autre part le & 146 distingue les jeux de langage primitifs (où il y a va de l’ Abrichtung ) des autres, en soulignant qu’il n’ya pas à  proprement parler dans les premiers « compréhension »,mais seulement » assimilation » du système).Dastur, Recherches philosophiques   p 15
[40]  الفقرة 146   تؤكد فكرة أن الترويض لا علاقة له بالفهم و التفسير،  بل  بالفعل و رد الفعل و محاولة الاستعاب فقط.
[41]  في هذه الفقرة الأولي من الكتاب البني يغلق فتغنشتاين باب التأويل إذ يربط الترويض بالحيوان, و أن الطفل في  هذه المرحلة من تعلمه للغة البدائية يتعلم عن طريق الترويض انظر هامش ص 122  من " تحقيقات ....
The child learns this language from the grow-ups (adults) by being trained to its use. I am using the word “trained” in a way strictly analogous to that in which we talk of an animal being trained to certain things. Part of this training is that we point to a building stone, direct the attention of the child toward it, and pronounce a word. I wil call this procedure ’demonstrative teaching of the words” Brown book “  para 1
                                                                                                                                                          
[42]  هناك تفسير أخر و هو أن الباحث عبد الرزاق بنور كان يترجمها في البدابة بتدريب و بناء على الترجمة الفرنسية الجديدة لداستور عدل الترجمة و لكن سهوا منه لم يصحح هذه الكلمة الواردة في هذه الفقرة,
[43] Anscombe was not consistent in her translation of Gebrauch, Verwendung and Anwendung. We have translated Gebrauch by ‘use’, Verwendung by ‘use’ or ‘employment’, and Anwendung by‘application’. ‘Use’ also does service for benützen in  Ph – Investigations  p xiv


[44] Anwendung : a systematiquement été traduit par application’. Verwendung et Gebrauch ;Nous n’avons pas cru posssible de marquer systématiquement la différence entre ces deux notions que nous avons traduites soit par usage, soit par  emploi. (Notons que Wittgenstein, dans sa révision de la traduction anglaise de la protoversion, traduit,au & 53,Gebrauch par practice),Dastur , Recherches op,cit,p 15.
[45]  تقديم الترجمة ص 106


المشاركون في لقاء فتجنشتاين بجامعة برلين الحرة


في وسط الصورة  الأستاذ محمد عبد السلام الأشهب بجامعة برلين الحرة بألمانيا يلقي مداخلته 

تلقي كتاب Philosophische Untersuchungen في الترجمة العربية /من بحوث إلي تحقيقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق